للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وههنا أمران: أولهما دخول الولد (١) في النسب.

والثاني: تغريم من خَرَجت له القرعة ثُلثُي دية ولده لصاحبيه، وكُلٌّ منهما بعيدٌ عن القياس؛ فلذلك قالوا: هذا [من] (٢) أبعد شيء عن القياس.

فيُقال: القرعة قد تستعمل عند فقدان مُرَجِّح سواها من بيّنة أو إقرار أو قافة (٣)، وليس ببعيد تعيين المستحق بالقرعة في هذا (٤) الحال؛ إذ هي غاية المقدور عليه من أسباب ترجيح الدعوى (٥)، ولهذا دخول في دعوى الأَمْلاك المرسلة التي لا تثبُتُ بمّرينة ولا أمارة (٦)، فدخولها في النَّسب الذي يثبُتُ بمجرد


= وعنه: الشافعي في "المسند" (٣٣٠)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (١٠/ ٢٦٣) - عن يحيى بن سعيد، عن سليمان بن يسار: "أن عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- كان يليط أولاد الجاهلية بمن ادعاهم في الإِسلام. قال سليمان: فأتى رجلان، كلاهما يدعي ولد امرأة، فدعا عمر قائفًا، فنظر إليهما، فقال القائف: لقد اشتركا فيه، فضربه عمر بالدرة، قال: ما يدريك؟! ثم دعا المرأة؛ فقال: أخبريني خبرك. فقالت: كان هذا لأحد الرجلين يأتيها وهي في الإبل لأهلها؛ فلا يفارقها حتى يظن وتظن أن قد استمر بها حمل، ثم انصرف عنها، فهرقت الدماء، ثم خلف هذا (تعني: الآخر)، ولا أدري من أيهما هو؟ قال: فكبر القائف؛ فقال عمر للغلام: والِ أيهما شئت".
وأخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"، وعنه البيهقي في "السنن الكبرى" (١٠/ ٢٦٣)؛ عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، عن أبيه: "أن عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- قضى في رجلين ادَّعيا رجلًا لا يدري أيهما أبوه؛ فقال عمر -رضي اللَّه عنه- للرجل: "أَتبع أيهما شئت".
قال البيهقي: "هذا إسناد صحيح موصول"، وقال (١٠/ ٢٦٤): "ورواية يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن أبيه عن عمر -رضي اللَّه عنه- موصولة، ورواية سليمان بن يسار لها شاهدة، وكلاهما يثبت قول عمر -رضي اللَّه عنه-: "والِ أيَّهما شئت".
وللأثر طرق أخرى عند البيهقي وغيره. وانظر بعضًا منها عند عبد الرزاق في "المصنف" (٧/ ٣٦٠ - ٣٦١).
(١) في المطبوع: "دخول القرعة". وفي (ق): "أحدهما دخول الولد".
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٣) "القائف": الذي يتتبع الآثار ويعرفها، ويعرف شبه الرجل بأخيه وأبيه، والجمع: القافة" (و).
(٤) في (ق): "هذه".
(٥) في (ن): "من الباب بترجيح الدعوى"، وفي (ق): "من الباب ترجيح الدعوى"، وقال في الهامش: "لعله: المقدور عليه في الباب من ترجيح الدعوى" وفي (ك): "وعليه من أسباب" وفي (ق): "ولها دخول".
(٦) انظر: "زاد المعاد" (٤/ ١٢١)، و"البدائع" (٣/ ٢٦٦)، و"الطرق الحكمية" (٢٦٩، ٣٥١) للمصنف، و"قواعد ابن رجب" (٣/ ٢٣١ - بتحقيقي).

<<  <  ج: ص:  >  >>