كتاب إعلام الموقعين عن رب العالمين - ت مشهور

أورد بعض الزنادقة (١) هذا لسؤال وضمّنه بيتين، فقال:

يدٌ بخمسِ مئين من عسْجدٍ وُدِيت (٢) ... ما بالها قُطعت في رُبع دينار

تناقضٌ مالنا إلا السكوت له ... ونسْتجير بمولانا من العارِ (٣)

فأجابه بعض الفقهاء (٤) بأنها كانت ثمينة لما كانت أمينة، فلما خانت هانت، وضمنه الناظم قوله (٥):

يَدٌ بخمس مئين من عسجد (٦) وُدِيت ... لكنها قطعت في ربع دينار

حماية الدم أغلاها، وأرْخَصها ... صيانة (٧) المال، فانظر (٨) حكمة الباري

[وروي أن الشافعي (٩) رحمه اللَّه أجاب بقوله:

(١) "ينسبان إلى أبي العلاء المعري، وحفظي: "يد بخمس مئين مسجد"" (د)، وبنحوه في (ط). وانظر ما سيأتي.
قلت: قال الذهبي في "الميزان" (١/ ١١٢) في ترجمة (أحمد بن عبد اللَّه بن سليمان أبو العلاء المعري): "له شعر يدل على الزندقة"! وانظر -لزامًا- في تحقيق ذلك: "إعلام النبلاء" (٤/ ١٥٤ وما بعده) للطباخ، وانظر كتابي: "الإشارات" (رقم ١٢٥).
(٢) "كنت أسمعها: "يد بخمس مئين مسجد وديت"، وكذلك في الجواب الآتي عنها" (و).
(٣) في (ك): "النار".
(٤) هو ابن الجوزي، كما في "حاشية البيجوري على شرح ابن القاسم" (٢/ ٢٤٦).
(٥) هو القاضي عبد الوهاب المالكي، ويقال: إن هذا الجواب للشريف الرَّضي، أفاده المَقْبَليّ في "العلم الشامخ" (٩٧ - ٩٨)، ونسبه الصاوي في "حاشيته" (١/ ٨٩، ٢٨٣) للقاضي عبد الوهاب، وذكر الصفدي في "الغيث المسجم" (١/ ٨٢) البيتين المنسوبين لأبي العلاء، وذكر نظمًا لعلم الدين السخاوي في الرد عليه.
ونسبها لأبي العلاء جمع أيضًا، منهم: ابن حجر في "الفتح" (١٢/ ٩٨)، وأورد رد القاضي عبد الوهاب، وفسره بقوله: "وشرح ذلك: أن الدية لو كانت ربع دينار لكثرت الجنابات على الأيدي، ولو كان نصاب القطع خمس مئة دينار لكثرت الجنايات على الأموال، فظهرت الحكمة في الجانبين، وكان في ذلك صيانة من الطرفين" وانظر: "المعلم" (٢/ ٢٥٤ - ٢٥٥)، "حاشية البيجوري" (٢/ ٢٤٦)، "اللسان" (١/ ٢٠٥ - ٢٠٦)، كتابنا "شعر يخالف الشرع" (الباب الخامس) منه.
(٦) في (ك): "بخمس مئين عسجد"، وفي (ق): "بخمس مئة عسجد".
(٧) تحرفت في المطبوع إلى: "خيانة"!.
(٨) في (ن): "فافهم".
(٩) "لا يتفق ذلك مع أن قائل البيتين هو المعري" (د)، ونحوه في (ط).
قلت: لأن المعري توفي (٤٤٩ هـ) بعد الشافعي بمدة، ولذا لا تصح النسبة للشافعي، ولعل القائل فقيه شافعي من عصر أبي العلاء، أو القاضي عبد الوهاب (ت ٤٣٣ هـ) أو =