للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا شرعًا ولا عرفاَ ولا عادةً، بل قد جعل اللَّه لكلٍ منهما رتبة، والأمة لا تُراد لما تُراد له الزوجة، ولهذا كان له أن يملكَ من لا يجوز له نكاحها (١)، ولا قسم عليه في ملك يمينه، فأمتُه تَجري في الابتذال والامتهان والاستخدام مَجْرى دابته وغلامه، بخلاف الحرائر، وكان من محاسن الشريعة أن اعتبرت في كمال النّعمة على مَنْ يجب عليه الحَدُّ أن يكون قد عقد على حرة ودخل بها (٢)؛ إذ بذلك يَقضي كمال وطره، ويُعطي شهوته حقها، ويضعها مواضعها، هذا هو الأصل ومنشأ الحكمة، ولا يعتبر ذلك في كل فرد فردٍ من (٣) أفراد المُحصنين، ولا يضر تخلفه في كثير من المواضع؛ إذ شأن الشرائع الكلية (٤) أن تراعي الأمور العامة المنضبطة، ولا ينقُضها تخلُّف الحكمة في أفراد الصور، كما هذا شأن الخلق فهو موجب حكمة اللَّه في خلقه وأمره في قضائه وشرعه، وباللَّه التوفيق (٥).

[فصل [الحكمة في نقض الوضوء بمس ذكره دون غيره من الأعضاء]]

وأما قوله: "ونقضُ (٦) الوُضوءِ بمس الذِّكَر دون سائر الأعضاء، ودون مس العَذْرة والبول" فلا ريب أنه قد صحَّ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الأمر بالوضوء من مس الذكر (٧)، ورُوي عنه خلافُه، وأنه سُئل عنه فقال للسائل: "هل هو إلا بضعةٌ


(١) في (ك) و (ق): "نكاحه".
(٢) في اشتراط الدخول خلاف، ويبنى على المعنى الغالب على (الزواج): هل هو العقد أم الوطء؟
(٣) في (ق) و (ك): "في كل فرد من".
(٤) في (ن) و (ق) و (ك): "الشرائع الجلية"، ولعل الصواب ما أثبتناه.
(٥) انظر في المسألة: "الموطأ" (٢/ ٨١٩)، "المعونة" (٣/ ١٣٧٣)، "مختصر اختلاف العلماء" (٣/ ٢٧٩)، "الإشراف" (٤/ ١٩٦ رقم ١٥٥٢ - بتحقيقي) للقاضي عبد الوهاب، "عقد الجواهر الثمينة" (٣/ ٣٠٤)، "الحدود والتعزيرات" (ص ١١٧ - ١١٨)، "النظرية العامة لإثبات موجبات الحدود" (٢/ ٣٢).
(٦) في (ك) و (ق): "نقض" دون واو.
(٧) رواه مالك في "الموطأ" (١/ ٤٢) في (الطهارة)، والشافعي في "مسنده" (١/ ٣٤)، وأبو داود (١٨١) في (الطهارة): باب الوضوء من مس الذكر -ومن طريقه ابن عبد البر (١٧/ ٣٨٦) -، والترمذي (٨٢) و (٨٣) و (٨٤) في (الطهارة): باب الوضوء من مس الذكر، والنسائي (١/ ١٠٠) في (الطهارة): باب الوضوء من مس الذكر، و (١/ ٢١٦) في (الغسل والتيمم)، و"الكبرى" (١٥٧)، وابن ماجه (٤٧٩)، والحميدي (٣٥٢)، والطيالسي =

<<  <  ج: ص:  >  >>