للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل [رأي القائلين بشفعة الجوار]]

وقالت طائفة ثالثة: بل الضرر الذي قصد الشارع رفعه هو ضرر سوء الجوار والشركة في العقار والأرض؛ فإن الجار قد يسيء الجوار غالبًا أو كثيرًا، فيُعلي الجدارَ، [ويتبع العثار] (١)، ويمنع الضوء، ويشرف على العورة، ويطلع على العثرة، ويؤذي جاره بأنواع الأذى، ولا يأمن [جارُهُ] (٢) بوائقه، وهذا مما يشهد به الواقع.

[[حق الجار]]

وأيضًا فإن الجار (٣) له من الحرمة والحق والذِّمَام ما جعله اللَّه له في كتابه، ووَصَّى به جبريل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- غاية الوصية (٤)، وعَلَّق النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الإيمان باللَّه واليوم الآخر بإكرامه (٥)، وقال الإمام أحمد: الجيرانُ ثلاثةٌ: جارٌ له حق، وهو الذمي الأجنبي له حق الجوار، وجارٌ له حَقَّان، وهو المسلم الأجنبي له حق الجوار وحق الإسلام، وجار له ثلاثة حقوق، وهو المسلم القريب له حق الجوار وحق الإسلام وحق القرابة؛ ومثل هذا [ولو] (٦) لم يَرِد في الشريك فأدنى المراتب مساواته به فيما يندفع به الضرر، لاسيما والحكم بالشفعة ثبت في الشركة


(١) في (ن) و (ك) بدلها: "ويتسع العقار"، وفي (ق): "ويسقي العقار" ولعل الصواب ما أثبتناه.
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٣) في المطبوع: "فالجار".
(٤) صح ذلك من قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه".
رواه البخاري (٦٠١٤) في (الأدب)؛ باب الوصاة بالجار، ومسلم (٢٦٢٤) في (البر): باب الوصية بالجار والإحسان إليه، من حديث عائشة.
ورواه البخاري (٦٠١٥)، ومسلم (٢٦٢٥) من حديث ابن عمر.
وفي الباب عن جمع من الصحابة، انظر: "إرواء الغليل" (٣/ ٤٠٠).
(٥) وذلك في قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من كان يؤمن باللَّه واليوم الآخر فليكرم جاره".
رواه البخاري في "الأدب" (٦٠١٩): باب من كان يؤمن باللَّه واليوم الآخر فلا يؤذ جاره، و (٦١٣٥) باب إكرام الضيف وخدمته، و (٦٤٧٦) في (الرقاق): باب حفظ اللسان، ومسلم (٤٨) في (الإيمان): باب الحث على إكرام الجار والضيف، و (٣/ ١٣٥٢) في (اللقطة): باب الضيافة ونحوها، من حديث أبي شُريح العدوي.
وفي الباب عن أبي هريرة: رواه البخاري (٦٠١٨)، ومسلم (٤٧).
(٦) ما بين المعقوفتين من المطبوع فقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>