للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[رأي الكوفيين وأهل المدينة]]

فأهل الكوفة يثبتون شفعة الجوار مع تميز الطرق والحقوق، وأهل المدينة يسقطونها مع الاشتراك في الطريق والحقوق، وأهل البصرة يوافقون أهل المدينة إذا صُرفت الطرق ولم يكن هناك اشتراك في حق من حقوق الأملاك، ويوافقون أهل الكوفة إذا اشترك الجاران في حق من حقوق الأملاك كالطريق وغيرها، وهذا هو الصواب، وهو أعدل الأقوال، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية (١).

[[رأي ابن القيم في حديث العرزمي]]

وحديث جابر الذي أنكره من أنكره على عبد الملك صريحٌ [فيه] (٢)، فإنه قال: "الجَارُ أحَقُّ بسقبه يُنتظر به وإن كان غائبًا إذا كان طريقهما واحدًا" (٣) فأثبت الشفعة بالجوار مع اتحاد الطريق، ونفاها به مع اختلاف الطرق بقوله: "فإذا وقعت الحدود وصُرِفت الطرق فلا شُفعةَ" (٤) فمفهوم حديث عبد الملك هو بعينه منطوق حديث أبي سلمة، فأحدهما يُصدق الآخر ويوافقه، لا يعارضه ويناقضه، وجابر روى اللفظين؛ فالذي دَلَّ عليه حديث أبي سلمة عنه من إسقاط الشفعة عند تصريف الطرق وتمييز الحدود هو بعينه الذي دل عليه حديث عبد الملك عن عطاء عنه بمفهومه، والذي دل عليه حديث عبد الملك بمنطوقه هو الذي دَلَّت عليه سائر أحاديث جابر بمفهومها، فتوافقت السنن بحمد اللَّه وائتلفت، وزال عنها ما يُظن بها من التعارض، وحديث أبي رافع الذي رواه البخاري (٥) يدل على مثل ما دل عليه حديث عبد الملك؛ فإنه دل على الأخذ بالجوار حالة الشركة في الطريق، فإن البيتين كانا في نفس دار سعد، والطريق واحد بلا ريب.

[[القياس الصحيح يؤيد مفهوم حديث العرزمي]]

والقياس الصحيح يقتضي هذا القول؛ فإن الاشتراك في حقوق الملك شقيق الاشتراك في الملك، والضرر الحاصل بالشركة فيها [نظير الضرر] (٦) الحاصل


= و ٤١٥ - ٤١٧ و ٢/ ٢٨٧)، و"الإنصاف" (٦/ ٢٥٥)، وحديث جابر سبق تخريجه.
وما بين المعقوفتين سقط من (ك).
(١) انظر: "مجموع الفتاوى" (٣٠/ ٣٨١ - ٣٨٤)، و"تهذيب السنن" (٥/ ١٦٧) للمصنف.
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٣) مضى تخريجه.
(٤) رواه البخاري، وقد تقدم قريبًا.
(٥) مضى تخريجه.
(٦) بدل ما بين المعقوفتين في المطبوع: "كالضرر".

<<  <  ج: ص:  >  >>