للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل [الحكمة في الفرق بين بعض الأيام وبعضها الآخر]]

وأما قوله: "وحَرَّم صوم أول يوم من شوال، وفَرضَ صوم آخر يوم من رمضان مع تساويهما" فالمقدمة الأولى صحيحة، والثانية كاذبة؛ فليس اليومان مُتساويين وإن اشتركا في طلوع الشَّمسِ وغروبها؛ فهذا يومٌ من شهر رمضان الذي فرضه اللَّه على عباده، وهذا يومُ عيدِهم وسرورهم الذي جعله اللَّه تعالى شكران صومهم وإتمامه، فهم فيه أضيافه سبحانه، والجوادُ الكريم يُحب من ضيفه أن يقبل قِرَاه، ويكره أن يمتنعَ من قبول ضيافته بصومٍ أو غيره، ويُكره للضيف أن يصوم إلا بإذن صاحب المنزل؛ فمن أعظم محاسن الشريعة فرض صوم آخر يوم من رمضان فإنه إتمام لما أمر اللَّه به وخاتمة العمل، وتحريم صوم أول يوم من شوال فإنه يوم يكون فيه المسلمون أضياف ربهم تبارك وتعالى، وهم في شكران نعمته عليهم، فأيُّ شيء أبلغ وأحسن من هذا الإيجاب والتحريم؟.

[فصل [الحكمة في الفرق بين بنت الأخ وبنت العم ونحوها]]

وأما قوله: "وحَرَّم عليه نكاح بنت أخيه وأخته، وأباح له نكاح بنت أخي أبيه [وبنت] (١) أخت أمه، وهما سواء" فالمقدمة الأولى صادقة، والثانية كاذبة؛ فليستا (٢) سواء في نفس الأمر، ولا في العُرْفِ، ولا في العُقولِ، ولا في الشريعة، وقد فَرَّق اللَّه سبحانه بين القريب والبعيد شرعًا وقدرًا [وعقلًا] (٣) وفطرةً، ولو تساوت القرابة لم يكن فرقٌ بين البنت وبنت الخالة (٤) وبنت العمة، وهذا من أفسد الأمور، والقرابةُ البعيدةُ بمنزلة الأجانب؛ فليس من الحكمة والمصلحة أن تُعطى حكم القرابة القريبة، وهذا مما فطر اللَّه عليه العقلاء، وما خالف شرعه في ذلك فهو إما مجوسية تتضمن التسوية بين البنت والأم وبنات الأعمام والخالات في نكاح الجميع، وإما حرجٌ عظيم على العباد في تحريم نكاح بنات أعمامهم وعماتهم وأخوالهم وخالاتِهم؛ فإن الناس -ولاسيما العرب- أكثرهم بنو عَمٍّ


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٢) في (ك) و (ق): "فليسوا".
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ط).
(٤) في (ط) و (و): "وبين بنت الخالة".

<<  <  ج: ص:  >  >>