للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُفضي إلى نقضِ ما شرعه [اللَّه] (١) من المنع من التفاضل؛ فإن التفاوت في هذه الأجناس ظاهرٌ، والعاقل لا يبيع جنسًا بجنسه إلا لما هو بينهما من التفاوت، فإن كانا متساويين من كل وجه لم يفعل ذلك، فلو جَوَّز لهم مقابلة الصفات بالزيادة لم يحرم عليهم ربا الفَضْل، وهذا بخلاف الصناعة (٢) التي جَوَّز لهم المعاوضة عليها معه.

يوضحه أن المعاوضة إذا جازت على هذه الصناعة (٢) مفردة جازت عليها مضمومة إلى غير أصلها وجوهرها؛ إذ لا فرق بينهما في ذلك.

يوضحه أن الشارع لا يقول لصاحب هذه الصناعة (٢): بعْ هذا المصوغ بوزنه واخسر صياغتك (٣)، ولا يقول له: لا تعمل هذه الصياغة واتركها، ولا يقول له: تحيَّل على بيع المصوغ بأكثر من وزنه بأنواع الحيل، ولم يقل قط: لا تبعه إلا بغير جنسه، ولم يحرم على أحد أن يبيع شيئًا من الأشياء بجنسه.

فإن قيل: فهب أن هذا قد سَلِمَ لكم في المصوغ، فكيف يسلم لكم في الدراهم والدنانير المضروبة إذا بِيعت بالسَّبائك مفاضلةً (٤) وتكون الزيادة في مقابلة [صناعة] (٥) الضَّرْب؟

قيل: هذا سؤال قويٌّ وارد، وجوابه أن السكة لا تتقوَّم فيها (٦) الصناعة للمصلحة العامة المقصودة منها؛ فإن السلطان يضربُها لمصلحة الناس العامة، وإن كان الضاربُ يضربها بأجرة فإن القصد بها أن تكون معيارًا للناس [لا] (٧) يتَّجرون فيها كما تقدم، والسكة فيها غير مقابلة بالزيادة في الصرف (٨)، ولو قوبلت بالزيادة [في الصرف] (٩) فسدت المعاملة، وانتقضت المصلحة التي ضُربت لأجلها، واتخذها الناس سلعة واحتاجت إلى التقويم بغيرها، ولهذا قام الدرهم مقام الدرهم من كل وجه، وإذا أخذ الرجل الدرهم رد نظيره (١٠)، وليس المصوغ كذلك، ألا ترى أن الرجل يأخذ مئةً خفافًا ويرد خمسين ثقالًا بوزنها ولا يأبى


(١) ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.
(٢) في المطبوع: "الصياغة".
(٣) في (ق) و (ك): "واحظر صياغتك".
(٤) في (د) و (ك): "مفاضلًا"، وفي (ق): "متفاضلة".
(٥) ما بين المعقوفتين سقط من (ك) و (ق).
(٦) في المطبوع: "فيه"!
(٧) ما بين المعقوفتين سقط من (ك) و (ق).
(٨) في المطبوع: "في العرف".
(٩) ما بين المعقوفتين سقط من (ن).
(١٠) في المطبوع: "وإذا أخذ الرجل الدراهم رد نظيرها"، وفي (ك): "نظيرها".

<<  <  ج: ص:  >  >>