كتاب إعلام الموقعين عن رب العالمين - ت مشهور

وروى الزهريُّ، عن عَمرو بن شُعيب، عن أبيه، عن جَدِّه قال: سمع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قومًا يتمارون في القرآن فقال: "إنما هلك من كان قبلكم بهذا، ضربوا كتابَ اللَّه بعَضَه ببعض، وإنما نَزَل كتابُ اللَّه يُصدِّقُ بعضُه بعضًا، ولا يكذب بعضه بعضًا، فما علمتم منه فقولوا، وما جهلتم [منه] فكِلوهُ إلى عالمه" (١) فأمر من جهل شيئًا من كتاب اللَّه أن يكله إلى عالمه، ولَا يتكلف القول بما لا يعلمه.

وروى مالك بن مِغْول، عن أبي حَصين (٢)، عن مجاهد، عن عائشة أنه لما نزل عُذْرُها قبّل أبو بكر رأسها، قالت: فقلت: ألا عذرتني عند النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: أيُّ سماء تُظِلُّني وأي أرض تُقِلني إذا قلت ما لا أعلم؟ (٣).

وروى أيوب أن (٤) ابن أبي مُليكة قال: سئل أبو بكر الصديق -رضي اللَّه عنه- عن آية، فقال: أيُّ أرض تُقلُّني وأي سماء تظلني؟ وأين أذهب؟ وكيف أصنع إذا أنا قلت في كتاب اللَّه بغير ما أراد اللَّه بها؟ (٥).

(١) سبق تخريجه وما بين المعقوفتين سقط من (ك) و (ق).
(٢) في (ق) و (ن) و (ك): "أبي حفص".
(٣) رواه البيهقي في "المدخل" (٧٩٣) من طريق ابن المبارك عن مالك به.
وإسناده صحيح. وأبو حصين هو عثمان بن عاصم الأسدي.
(٤) في المطبوع و (ك): "عن".
(٥) له طرق كثيرة عن أبي بكر بألفاظ متعددة، وهي لا تخلو من كلام أو انقطاع، ولكنه بمجموعها يصل إلى درجة الحسن إن شاء اللَّه تعالى، كما قال الحافظ ابن حجر وغيره، وهذا التفصيل:
أخرجه مسدد في "مسنده" كما في "المطالب العالية" (ق ١٣٥/ ب) و (٣/ ٣٠٠/ رقم ٣٥٢٧ المطبوعة) من طريق عبد اللَّه بن مرة، والطبري في "تفسيره" (١/ ٧٨/ رقم ٧٨، ٧٩) من طريق إبراهيم النخعي، وعبد اللَّه بن مرة، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (٨٣٣ - ٨٣٤/ رقم ١٥٦١ - ط الزهيري) من طريق إبراهيم النخعي عن أبي معمر عن أبي بكر به.
وإسناده منقطع، أبو معمر هو عبد اللَّه بن سخبرة الأزدي، لم يسمع من أبي بكر، وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (٦/ ٣١٧)، وابن حجر في "الفتح" (١٣/ ٢٧١) لعبد بن حميد من طريق النخعي عن أبي بكر من غير ذكر أبي معمر.
قال ابن حجر: "وهذا منقطع بين النخعي والصديق".
قال ابن عبد البر عقبه: "وذكر مثل هذا عن أبي بكر الصديق: ميمون بن مهران، وعامر الشعبي، وابن أبي مليكة".
قلت: أخرجه من طريق ابن أبي مليكة: سعيد بن منصور في "سننه" (١/ ١٦٨ / رقم ٣٩ - =