للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ذلك احتجاجُهم على نجاسة الماء بالمُلَاقاة وإن لم يتغير بنهيه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يُبَال في الماء الدائم (١)، ثم قالوا: لو (٢) بال في الماء الدائم لم ينجس حتى ينقص عن قلتين.

واحتجوا على نجاسته أيضًا بقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا استيقظ أحَدُكم من نومه فلا يغمس يَدَه في الإناء حتى يغسلها ثلاثًا" (٣) ثم قالوا: لو غمسها قبل غسلها لم ينجس الماء، ولا يجب عليه غسلها، وإن شاء أن يغمسها قبل الغسل فعل (٤).

واحتجوا في هذه المسألة بأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر بحَفْر الأرض التي بال فيها البائل وإخراج ترابها (٥)، ثم قالوا: لا يجب حَفْرُها، بل لو تركت حتى يبست بالشمس والريح طهرت.


(١) رواه البخاري (٢٣٨) في الوضوء: باب البول في الماء الدائم، ومسلم (٢٨٢) من حديث أبي هريرة ولفظه: "لا يبولنّ أحدكم في الماء الدائم".
وروى مسلم (٢٨١) في الطهارة: باب النهي عن البول في الماء الراكد من حديث جابر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: نهى أن يُبال في الماء الراكد.
(٢) في (ك): "إن".
(٣) أخرجه البخاري في "صحيحه" (كتاب الوضوء، باب الاستجمار وترًا، ١/ ٢٦٣/ رقم ١٦٢)، ومسلم في "الصحيح" (كتاب الطهارة، باب كراهة غمس المتوضئ وغيره يده المشكوك في نجاستها في الإناء قبل غسلها ثلاثًا، ١/ ٢٣٣/ رقم ٢٧٨)، والمذكور لفظه عن أبي هريرة، وقد أسهبتُ في تخريجه في تعليقي على كتاب "الطهور" (رقم ٢٧٩).
(٤) انظر: ذِكْرَ ابن القيم -رحمه اللَّه- لعلة النهي في "تهذيب السنن" (١/ ٦٩ - ٧٠)، و"بدائع الفوائد" (٤/ ٨٧).
(٥) ورد من حديث ابن مسعود رواه الدارقطني في "سننه" (١/ ١٣٢) من طريق أبي بكر بن عياش حدثنا سمعان بن مالك عن أبي وائل عنه، وقال: سمعان مجهول. وقال أبو زرعة -كما في "العلل" (١/ ٢٤): ليس بقوي. ونقل الزيلعي عبارة أبي زرعة هذه: منكر ليس بالقوي.
ومن حديث أنس، علقه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (٥٤٥) -وعزاه الزيلعي في "نصب الراية" (١/ ٢١٢) وابن حجر في "التلخيص" (١/ ٣٧) للدارقطني، ولم أجده فيه- من طريق عبد الجبار بن العلاء عن ابن عيينة عن يحيى بن سعيد عن أنس، وقال الدارقطني: ووهم عبد الجبار على ابن عيينة لأن أصحاب ابن عيينة الحفاظ رووه عنه عن يحيى بن سعيد، فلم يذكر أحد منهم الحفر، وإنما روى ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن طاوس أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال: "احفروا مكانه" مرسلًا.
ورُوي مرسلًا، أحدها هذا الذي أشار إليه الدارقطني وهو مرسل طاوس، رواه عبد الرزاق (١/ ٤٢٤) وله مرسل آخر رواه أبو داود في "المراسيل" (١١)، وفي "السنن" (٣٨١)، والدارقطني (١/ ١٣٢) والبيهقي (٢/ ٤٢٨) من طريق عبد الملك بن عمير عن عبد اللَّه بن معقل بن مُقَرِّن قال. . . قال أبو داود: هو مرسل، ابن معقل لم يدرك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. ورجاله ثقات. =

<<  <  ج: ص:  >  >>