للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذم اللَّه من أعرض عن التحاكم إليه]

الوجه الرابع والعشرون: أن اللَّه سبحانه ذم من إذا دُعي إلى اللَّه و [إلى] (١) رسوله أعرض ورضي بالتحاكم إلى غيره، وهذا شأن أهل التقليد، قال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا} [النساء: ٦١] فكلُّ من أعرض عن الداعي له إلى ما أَنزلَ اللَّه ورسوله إلى غيره فله نصيبٌ من هذا الذم؛ فمستقل ومستكثر (٢).

[[الحق في واحد من الأقوال]]

الوجه الخامس (٣) والعشرون: أن يقال لفرقة التقليد: "دينُ اللَّه عندكم واحد وهو (٤) في القول وضده، فدينه هو الأقوال المختلفة المتضادة التي يُناقض بعضها بعضًا، ويُبطل بعضها بعضًا، كلها دين اللَّه"؟ فإن قالوا: "بل (٥)، هذه الأقوال المتضادة المتعارضة التي يناقض بعضها بعضًا كلها دين اللَّه" خرجوا عن نصوص أئمتهم؛ فإن جميعهم على أن الحق واحد من الأقوال، كما أن القبلة في جهة من الجهات، وخرجوا عن نصوص القرآن والسنة والمعقول والصريح، وجعلوا دين اللَّه تابعًا لآراء الرجال. فإن قالوا: "الصواب الذي لا صواب غيره أن دين اللَّه واحد، وهو ما أنزل اللَّه به كتابه وأرسل به رسوله وارتضاه لعباده، كما أن نبيَّه واحدٌ وقبلته واحدة، فمن وافقه فهو المصيب وله أجران، ومن أخطأه فله أجر واحد على اجتهاده لا على خطئه".

قيل [لهم] (٦): فالواجب إذن طلب الحق، وبذْلُ الاجتهاد في الوصول إليه بحسب الإمكان؛ لأن اللَّه سبحانه أوجب على الخلق تقواه بحسب الاستطاعة. وتقواه: فِعل ما أمر به وترك ما نهى عنه؛ فلا بد أن يعرف العبد ما أمر به ليفعله وما نهي عنه ليجتنبه وما أبيح له ليأتيه. ومعرفة هذا لا تكون إلا بنوع اجتهاد وطلبٍ وتحرٍّ للحق، فإذا لم يأت بذلك فهو في عُهْدة الأمر، ويلقى اللَّه ولمّا يقْضِ ما أمره.


(١) ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع و (ك).
(٢) في (د) و (ك): "فمستكثر ومستقل".
(٣) في (ق) و (ك): "الرابع"، واستمر الترقيم فيها بعده هكذا.
(٤) في (ك) و (ق): "أو هو".
(٥) في المطبوع "بلى".
(٦) ما بين المعقوفتين من المطبوع و (ك) و (ق).

<<  <  ج: ص:  >  >>