للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهلهن إلا مَنْ ولدت لسيِّدها منهن، ونَقَضَ حكمه (١)، ومن جملتهن خولة الحنفيِّة، أم محمد بن علي (٢)، فأين هذا من فعل المقلدين بمتبوعهم؟ وخالفه في أرض العنْوة فقسمها أبو بكر ووقفها عمر (٣)، وخالفه في المفاضلة في العطاء فرأى أبو بكر التسوية ورأى عمر المفاضلة (٤)، ومن ذلك مخالفته له في الاستخلاف وصَرَّح بذلك، فقال: إن أسْتخلِف فقد استخلفَ أبو بكر، وإن لم أستخلف فإن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يستخلف، قال ابن عمر: [فواللَّه] (٥) ما هو إلا أن ذَكَر رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فعلمت أنه لا يعدل برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أحدًا، وأنه غير مستخلف (٦)؛ فهكذا يفعل أهل العلم حين تتعارض عندهم سنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وقول غيره، لا يعدلون بالسنة شيئًا سواها، لا كما يصرح به المقلِّدون صراحًا، وخلافه له في الجد والإخوة (٧) معلوم أيضًا.


(١) هذا أمر مشهور عن عمر، انظر "معالم السنن" (٢/ ٢٠٢)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (١/ ١٩٧، ١٩٩ - ٢٠٠) (كتاب الإيمان)، و"المفهم" (١/ ١٨٥ - ١٨٧) لأبي العباس القرطبي، و"المجموع" (٥/ ٣٣٤) للنووي، و"فتح الباري" (١٢/ ٢٨٠)، وانظر ذلك مسندًا في "الأموال" (٢/ ١٣٣) لأبي عبيد، و"الأموال" (١/ ٣٤٩) لابن زنجويه، و"السنن الكبرى" (٩/ ٧٣، ٧٤) للبيهقي، و"السير" (٥/ ٢٢٣٧) لمحمد بن الحسن.
(٢) هي خولة بنت جعفر بن قيس بن مسلمة، وكانت أمة سوداء من سبي بني حنيفة، ولم تكن منهم، انظر: "طبقات ابن سعد" (٥/ ٦٦).
(٣) انظر الروايات في ذلك عند أبي عبيد في "الأموال" (رقم ٥٨، ٥٩)، وأبي يوسف في "الخراج" (٢٦، ٤٨)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٩/ ١٣٤)، وابن حزم في "المحلى" (٧/ ٣٤١، ٣٤٤)، وانظر: "صحيح البخاري" (٢٣٣٤)، و"مسند أحمد" (١/ ٣١)، وتوجيه قول عمر في المسألة في "المغني" (٢/ ٧١٦)، و (٨/ ٣٧٩)، و"الرخصة العميمة في قسمة الغنيمة" لابن الفركاح، ورد النووي عليه "وجوب قسمة الغنيمة" كلاهما بتحقيقي -يسر اللَّه نشرهما- و"موسوعة فقه عمر" (٦٢ - ٦٤).
(٤) أما عمر: فقد روى البخاري في "صحيحه" (٤٠٢٢) في (المغازي): من طريق إسماعيل بن قيس قال: كان عطاء البدريين خمسة آلاف، وقال عمر: لأفضلنهم، ومضى هذا مفصلًا.
(٥) في (ط): "واللَّه".
(٦) رواه مسلم في "صحيحه" (١٨٢٣). في الإمارة: باب الاستخلاف وتركه.
(٧) سبق تخريجه، وخرجناه أيضًا في التعليق على "الموافقات" (٥/ ١٦١) للشاطبي، وجميع الأمثلة السابقة عند ابن حزم في "الإحكام" (٦/ ٦٦) وقال: "وفي غير ذلك كثيرًا بالأسانيد الصحاح، المبطل لقول من قال: إنه كان لا يخالفه، والحمد للَّه الذي بنعمته تتم الصالحات".

<<  <  ج: ص:  >  >>