للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي أنزله على رسوله؛ فلا يزال محفوظًا بحفظ اللَّه محميًا بحمايته لتقوم حجة اللَّه على عباده قرنًا بعد قَرْن؛ إذ كان نبيُّهم آخر الأنبياء ولا نبيَ بعده؛ فكان حفظه لدينه وما أنزله على رسوله مُغنيًا عن رسول آخر بعد خاتم الرسل، والذي أوجبه اللَّه سبحانه وفَرَضه على الصحابة من تلقِّي العلم والهدى من القرآن والسنة دون غيرهما هو بعينه واجبٌ على مَنْ بعدهم، وهو مُحكم لم يُنسخ ولا يتطرق إليه النسخ حتى ينسخ اللَّه العَالَم أو يطوي الدنيا، وقد ذم اللَّه تعالى من إذا دُعي إلى ما أنزل اللَّه وإلى رسوله صدَّ وأعرض، وحذَّره أن تُصيبه مصيبة بإعراضه عن ذلك في قلبه ودينه ودنياه، وحَذَّر من خالف عن أمره واتبع غيره أن تصيبه فتنة أو يصيبه عذاب أليم؛ فالفتنة في قلبه، والعذاب الأليم في بدنه وروحه (١)، وهما (٢) متلازمان؛ فمن فُتن في قلبه بإعراضه عما جاء به ومخالفته له إلى غيره أصيب بالعذاب الأليم ولا بد، وأخبر سبحانه أنه إذا قضى أمرًا على لسان رسوله لم يكن لأحد من المؤمنين أن يختار من أمره غير ما قضاه، فلا خيرة بعد قضائه لمؤمن (٣) ألبتَّة، ونحن نسأل المقلدين: هل يمكن أن يَخفى قضاء اللَّه ورسوله على من قلَّدتموه دينكم في كثير من المواضع أم لا؟ فإن قالوا: "لا يمكن أن يخفى عليه ذلك" أنزلوه فوق منزلة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي والصحابة كلهم.

[[مثل مما خفي على كبار الصحابة]]

فليس أحد منهم إلا وقد خفي عليه بعض ما قضى اللَّه ورسوله به.

[[مسائل خفيت على أبي بكر]]

فهذا الصِّديق [رضي اللَّه عنه] (٤) أعلم الأمة به خَفي عليه ميراث الجَدَّة حتى أعلمه به محمد بن مَسْلمة والمُغيرة بن شعبة (٥)، وخفي عليه أن الشَّهيد لا دِية له


(١) في (ن) و (ق) و (ك): "في قلبه وروحه".
(٢) في (ك): "وكلاهما" وأشار فوق (كلا) إلى أنها هكذا في نسخة.
(٣) ساقطة من (ق) و (ك).
(٤) ما بين المعقوفتين من (ق) و (ك).
(٥) رواه مالك في "الموطأ" (٢/ ٥١٣) في (الفرائض): باب ميراث الجدة، ومن طريقه رواه أبو داود (٢٨٩٤) في (الفرائض): باب ميراث الجدة، والترمذي (٢١٠١) في (الفرائض): باب ما جاء في ميراث الجدة، والنسائي في "السنن الكبرى" (٤/ ٧٥ رقم ٦٣٤٦)، وابن ماجه (٢٧٢٤) في (الفرائض): باب ميراث الجدة، وابن الجارود (٩٥٩)، وأبو يعلى (١١٩)، وابن حبان (٦٠٣١)، والبغوي (٢٢٢١) والبيهقي في "السنن =

<<  <  ج: ص:  >  >>