للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان زيد بن ثابت لا يرى للحائض أن تنفَر حتى تطوف طواف الوداع، وتَناظَر في ذلك هو وعبد اللَّه بن عباس، فقال له ابن عباس: إمّالًا (١) فسَلْ فلانةً الأنصارية، هل أمرها بذلك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فرجع زيد يضحك ويقول: ما أراك إلا قد صدقتَ ذكره البخاري في "صحيحه" بنحوه (٢).

وقال ابن عمر: كنا نُخابِر (٣) ولا نرى بذلك بأسًا، حتى زعم رافعٌ أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عنها، فتركناها من أجل ذلك (٤).

وقال عمرو بن دينار، عن سالم بن عبد اللَّه: إنَّ عمر بن الخطاب نهى عن الطِّيب قبل زيارة البيت وبعد الجمرة، فقالت عائشة: طَيَّبت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بيدي لإحرامه قبل أن يحرم، ولحِلِّه قبل أن يطوف بالبيت، وسنَّةُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أحق (٥).


(١) "إمَّالًا أي: إن كنت لا تأخذ بما أقول، فسل. . . إلخ" (د).
(٢) رواه البخاري (١٧٥٨) و (١٧٥٩) في (الحج): باب إذا حاضت المرأة بعد ما أفاضت عن عكرمة أن أهل المدينة سألوا ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- عن امرأة طافت ثم حاضت، فقال لهم: تنفر، قالوا: لا نأخذ بقولك، وندع قول زيد، والمذكور لفظ مسلم (١٣٢٨) والشافعي في "الرسالة" (رقم ١٢١٦)، وانظر: "سنن البيهقي" (٥/ ١٦٤)، و"فتح الباري" (٣/ ٥٨٨) ففيه رجوع زيد إلى قول ابن عباس.
(٣) "قيل: هي المزارعة على نصيب معين كالثلث والربع وغيرهما، وعن ابن عمر أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج من ثمر أو زرع، رواه الجماعة" (و).
(٤) رواه مسلم (١٥٤٧) في (البيوع): باب كراء الأرض، وأخرج البخاري في "الصحيح" (كتاب المساقاة): باب الرجل يكون له ممر أو شرب في حائط أو في نخل (٥/ ٥٠/ رقم ٢٣٨١)، ومسلم في "صحيحه" (كتاب البيوع): باب النهي عن المحاقلة والمزابنة (٣/ ١١٧٤/ رقم ١٥٣٦) عن جابر -رضي اللَّه عنه-؛ قال: "نهى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن المخابرة والمحاقلة وعن المزابنة، وعن بيع الثمر حتى يبدو صلاحُه، وأن لا تُباع إلا بالدينار والدرهم؛ إلا العرايا" لفظ البخاري.
وفي لفظ لمسلم في آخره: "ورخص في العرايا"، والمذكور لفظ الشافعي في "الرسالة" (رقم ١٢٢٥).
والعرايا جمع (عريَّة)، سميت بذلك لأنها عريت عن حكم باقي البستان، يعريها صاحبها غيره ليأكل ثمرتها، انظر: "تحرير ألفاظ التنبيه" (١٨٠) للنووي.
وانظر: حديث النهي عن المخابرة وبيان وجهه في "تهذيب السنن" (٥/ ٦٥ - ٦٦).
(٥) هو بهذا في الجمع بين قول عمر واعتراض عائشة عليه، رواه الشافعي في "مسنده" (١/ ٢٩٩)، ورواه من طريقه البيهقي (٥/ ١٣٥) لكن لم يذكر قول عمر.
وأصل حديث عائشة في تطييب المحرم قبل الإحرام، وقبل الطواف ثابت في "الصحيحين"، رواه البخاري (١٥٣٩ و ١٧٥٤ و ٥٩٢٢، و ٥٩٢٨ و ٥٩٣٠)، ومسلم (١١٨٩)، وانظر ما مضى.

<<  <  ج: ص:  >  >>