للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما أنا حملتكم ولكن اللَّه حملكم" (١) ونحو ذلك، وقوله: "إني لا أعطي أحدًا ولا أمنعه" (٢)، وقوله للذي سأله عن العَزْل عن أمته: "اعزل عنها فسيأتيها ما قُدِّر لها" (٣)، وقوله: "لا عَدْوَى ولا طِيَرَةَ" (٤)، وقوله: "فمن أعدى الأول" (٥)، وقوله: "أرأيت إنْ منعَ اللَّه الثمرة" (٦)، ولم يقل منعها البرد أو (٧) الآفة التي تصيب الثمار، ونحو ذلك من المتشابه الذي إنما يدل على أن مالكَ السَّببِ وخالقه يتصرف فيه؛ بأن يُسلبه سببيَّته إن شاء، ويُبقيها عليه إن شاء، كما سَلَبَ النار قوَّةَ الإحراق عن الخليل، ويا للَّه العجب! أترى من أثبت الأسباب، وقال: إن اللَّه خالقها أثبتَ خالقًا غير اللَّه؟!

وأما قوله: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال: ١٧] فغاب عنهم فقه الآية وفهمها، والآية من أكبر معجزات النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، والخطاب بها خاص لأهل بدر. وكذلك القبضة التي رمى بها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فأوصلها اللَّه سبحانه إلى جميع وجوه المشركين (٨)، وذلك خارج عن قدرته -صلى اللَّه عليه وسلم-،


(١) رواه البخاري (٣١٣٣) في (فرض الخمس): باب ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين -وأطرافه هناك وهي كثيرة جدًا- ومسلم (١٦٤٩) في (الأيمان): باب ندب من حلف يمينًا فرأى غيرها خيرًا منها أن يأتي الذي هو خير، ويكفر عن يمينه، من حديث أبي موسى الأشعري.
(٢) لم أعثر عليه بهذا اللفظ، وإنما وجدت في "صحيح البخاري" (٣١١٧) في (فرض الخمس): باب قوله تعالى: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} من حديث أبي هريرة مرفوعًا: "ما أعطيكم وما أمنعكم، إنما أنا قاسم أضع حيث أمرت"، وبنحوه في "مسند أحمد" (٢/ ٢٤٨).
(٣) رواه مسلم (١٤٣٩) في (النكاح): باب حكم العزل، من حديث جابر.
(٤) قطعة من حديث أخرجه البخاري (كتاب الطب): باب لا هامة (١٠/ ٢٤١/ رقم ٥٧٧)، وباب لا صفر (١٠/ ١٧١/ رقم ٥٧١٧)، ومسلم في "صحيحه" (كتاب السلام): باب لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر (٤/ ١٧٤٢ - ١٧٤٣/ رقم ٢٢٢٠)، من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- ولفظه: "لا عدوى ولا صفر ولا هامة" فقال أعرابي: يا رسول اللَّه! فما بال إبلي تكون في الرمل كأنها الظِّباء، فيأتي البعير الأجرب؛ فيدخل بينها فيجربها؟ قال: "فمن أعدى الأول؟.
وقال (و): "والطيرة: هي التشاؤم بالشيء، ولم يجيء غيرها هي وخيرة -كذا- من المصادر هكذا".
(٥) قطعة من آخر الحديث السابق.
(٦) سبق تخريجه.
(٧) في المطبوع: "و".
(٨) رواه الطبري في "تفسيره" (٩/ ٢٠٥) مختصرًا، وأبو نعيم في "دلائل النبوة" (ص ٤٦٩ رقم ٤٠٠)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (٣/ ٧٨ - ٧٩) من طريق عبد اللَّه بن صالح قال: =

<<  <  ج: ص:  >  >>