للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بانحطاط سِعْرها، وإن قدر أن المصيبة كانت جائحة عامة، [فليس في الحديث أنها كانت جائحة عامة] (١) بل لعلها جائحة خاصة كسرقة اللصوص التي يمكن الاحتراز منها، ومثل هذا لا يكون جائحة تُسقط الثمن عن المشتري، بخلاف نهب (٢) الجيوش والتلف بآفة سماوية، وإن قدر أن الجائحة عامة فليس في الحديث ما يبيِّن أن التَّلف لم يكن بتفريطه في التأخير، ولو قدر أن التلف لم يكن بتفريطه فليس فيه أنه طلب الفسخ وأن توضع عنه الجائحة (٣)، بل لعله رضي بالمبيع ولم يطلب الوضع، والحق في ذلك له؛ إن شاء طلبه، وإن شاء تركه، فأين في الحديث أنه طلب ذلك، وأن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- منع (٤) منه؟ ولا يتم الدليل إلّا بثبوت المقدمتين، فكيف يعارض نص قوله الصحيح الصريح المحكم الذي لا يحتمل غير معنى واحد وهو نصٌّ فيه بهذا الحديث المتشابه؟! ثم قوله فيه: "ليس لكم فيه إلّا ذلك"، دليل على أنه لم يبق لبائع الثمار في ذمة المشتري غير ما أخذه، وعندكم المال كله في ذمّته، فالحديث حجة عليكم.

وأما المعارضة بحديث (٥) مالك فمن أبطل المعارضات وأفسدها، فأين فيه أنه أصابته جائحة بوجه ما؟ وإنما فيه أنه عالجه وأقام عليه حتى تبين له النقصان، ومثل هذا لا يكون سببًا لوضع الثمن، وباللَّه التوفيق.

[[صلاة من صلى خلف الصف وحده]]

المثال الخامس والأربعون: رد السنة الصحيحة الصريحة المحكمة في وجوب الإعادة على مَنْ صلَّى خلف الصف وحده (٦) كما في "المسند" بإسناد صحيح، وصحيحي: "ابن حبان" "وابن خزيمة"، عن علي بن شَيْبان: "أنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رأى رجلًا يُصلّي خَلف الصف، فوقف حتى انصرف الرجل، فقال له: استقبل صلاتَك فلا صلاةَ لفردٍ خلف الصَّفِّ" (٧)، وفي "السنن"، و"صحيحي ابن حبان


(١) ما بين المعقوفتين من (ك).
(٢) في (ك): "نهبة".
(٣) في المطبوع: "عند الجائحة".
(٤) في (ق) و (ك): "منعه".
(٥) في المطبوع: "بخبر".
(٦) حول ترجيح ابن القيم لبطلان الفذ خلف الصف، انظر: "تهذيب السنن" (١/ ٣٣٦ - ٣٣٩)، وفيه رد على من أعلَّ حديث وابصة الآتي.
(٧) رواه ابن سعد (٥/ ٥٥١)، والفسوي في "المعرفة والتاريخ" (١/ ٢٧٥ - ٢٧٦)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (١٦٧٨)، وابن أبي شيبة (٢/ ١٩٣ و ١٤/ ١٥٦)، وأحمد (٤/ ٢٣)، وابن ماجه (١٠٠٣) في (إقامة الصلاة): باب صلاة الرجل خلف الصف =

<<  <  ج: ص:  >  >>