للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالجواب أن هذا الحديث قد رواه ابن عمر، وعائشة، وابن مسعود، وسمرة بن جندب عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن بلالًا يؤذن بليل" (١)، وهذا الذي رواه صاحبا (٢) "الصحيح"، ولم يختلف عليهم في ذلك، وأما حديث أنيسة (٣) فاختلف عليها على (٤) ثلاثة أوجه:


= ورواه على الشك أيضًا يزيد بن زريع، أخرجه ابن خزيمة (٤٠٥)، ورواه عن شعبة باللفظ المذكور هنا: إن ابن أم مكتوم يؤذن بليل. . . دون الشك: أبو الوليد الطيالسي، وأبو عمرو.
أخرجه البيهقي (١/ ٣٨٢) من طريق محمد بن أيوب عنهما به.
ثم قال: ورواه محمد بن يونس الكديمي عن أبي الوليد؛ كما رواه الطيالسي وعمرو ابن مرزوق، أي بلفظ: إن بلالًا ينادي بليل. . .
وهذا اختلاف على شعبة لا أدري ممن هو.
وله شاهد من حديث عائشة: رواه أبو يعلى (٤٣٨٥) مختصرًا، وابن خزيمة في "صحيحه" (٤٠٦)، ومن طريقه ابن حبان (٣٤٧٣)، والبيهقي (١/ ٣٨٢) من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي: حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عنها مرفوعًا: "إن ابن أم مكتوم رجل أعمى فإذا أذن. . . ".
أقول: وهذا إسناد رواته ثقات، لكن الدراوردي على إمامته كان يخطئ، قال أحمد بن حنبل: إذا حدث من كتابه فهو صحيح، وإذا حدَّث من كتب الناس وَهِم، وقال أبو زرعة: سيّء الحفظ، فربما حدث من حفظه الشيء فيخطئ.
وقد رواه من هو أحفظ منه، وهو عبيد اللَّه بن عمر عن القاسم عن عائشة مرفوعًا: "إن بلالًا يؤذن. . . "، على اللفظ المشهور الذي أخرجه البخاري في "صحيحه" (٦٢٣ و ١٩١٩)، ومسلم (١٠٩٢) (٣٨) بعده.
لذلك قال البيهقي: وهذا أصح، أي حديث القاسم بن محمد.
وله شاهد أيضًا من حديث زيد بن ثابت: رواه البيهقي (١/ ٣٨٢)، وفيه الواقدي: وهو متروك.
وللجمع بين الأحاديث قالوا: إن الأمر كان نوبًا بين بلال وابن أم مكتوم، هذا قاله ابن خزيمة، وابن حبان.
قلت: أنت ترى أن حديثًا ابن أم مكتوم ينادي بليل. . . " لا تخلو طرقه من مقال.
والذي رواه أهل الصحيح عن ابن عمر، وابن مسعود، وسمرة، وأم المؤمنين عائشة هو: "إن بلالًا يؤذن بليل"، فالقلب إلى حديثهم أمْيَل، وهذا الذي رجّحه المؤلف -رحمه اللَّه- كما ترى، واللَّه أعلم.
(١) تقدمت أحاديثهم كلّها قريبًا.
(٢) في (ق) و (ك): "أصحاب".
(٣) تقدم تخريجه قريبًا، على الخلاف الذي فيه.
(٤) في المطبوع: "في".

<<  <  ج: ص:  >  >>