للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- جهر بالقراءة في صلاة الكسوف (١) -، وقد تابعه عبد الرحمن بن نَمِر، عن الزهري، وهو في "الصحيحين"، أنه سمع ابن شهاب، يُحدِّث عن عروة، عن عائشة: "كسفت الشمس على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فبعث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مناديًا أن الصلاة جامعة، فاجتمع الناس فتقدم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فكبّر وافتتح القرآن وقرأ قراءة طويلة يجهر بها" (٢)، فذكر الحديث. قال البخاري: حديث عائشة في الجهر أصح من حديث سمرة -قلت: يريد قول سمرة: "صلى بنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في كسوف لم نسمع له صوتًا" (٣) - وهو أصرح منه بلا شك، وقد تضمن زيادة الجهر، فهذه ثلاث ترجيحات.


(١) رواه الطيالسي (رقم ٧١٤ - منحة المعبود)، ورواه أيضًا من نفس الطرق أحمد في "مسنده" (٦/ ٧٦)، والبيهقي (٣/ ٣٣٦)، وانظر ما كتبناه لزامًا في التعليق السابق.
(٢) رواه البخاري (١٠٦٥) في (الكسوف): باب الجهر بالقراءة في الكسوف، ومسلم (٩٠١) (٥) في (الكسوف): باب صلاة الكسوف، وانظر أيضًا ما قدمناه قريبًا.
(٣) رواه هكذا مختصرًا: أحمد في "مسنده" (٥/ ١٤ و ١٩ و ٢٣)، والترمذي (٥٦٢): باب ما جاء في القراءة في الكسوف، والنسائي (٣/ ١٤٨ - ١٤٩) في (الكسوف): باب ترك الجهر فيها بالقراءة، وفي "الكبرى" (١٨٨٢)، وابن ماجه (١٢٦٤) في (إقامة الصلاة): باب ما جاء في صلاة الكسوف، والطبراني (٦٧٩٦)، وابن حبان (٢٨٥١)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (١/ ٣٣٣) من طريق ثعلبة بن عباد عنه به.
وهذا إسناد ضعيف، وقد تقدم قبل قليل مطولًا عن سمرة.
وقد جمع ابن خزيمة، وابن حبان بين أحاديث الجهر، وهذا الحديث بأن سمرة كان في أخريات الناس بحيث لا يَسْمع صوت النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-.
ويشهد لحديث سمرة هذا حديث ابن عباس: رواه أحمد (١/ ٢٩٣ و ٣٥٥)، وأبو يعلى (٢٧٤٥)، والطحاوي في "معاني الآثار" (١/ ٣٣٢)، والبيهقي (٣/ ٣٣٥) من طريق ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عكرمة عن ابن عباس.
وقد رواه عن ابن لهيعة: ابنُ المبارك عند أحمد، وابن المبارك روايته عن ابن لهيعة قبل احتراق كتبه، فهذا إسناد حسن، وشاهد جيد لحديث سمرة، وفيه: صلّيت خلف النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولعلّه يعكر على جمع ابن حبان، وابن خزيمة السابق؛ لأنه يبعد أن يكون كذلك بعيدًا.
بل رواه الطبراني في "الأوسط" (٢٧٠٠ و ٩٣٤٥) من طريق حفص بن عمر العَدَني عن الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس، وقال: فكنت إلى جانب النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلم أسمع القراءة.
لكن حفص ضعيف، والحكم فيه مقال كذلك.
* (تنبيه): ذكر الحافظ ابن حجر في "التلخيص" أن الطبراني رواه من طريق موسى بن عبد العزيز عن الحكم، ولم أجده هكذا لا في "المعجم" ولا في "مجمع البحرين".
وانظر: "شرح معاني الآثار" و"شرح السنة" (٤/ ٣٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>