للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ذلك عمل الصحابة مع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وقد قرأ السجدة على المنبر في خطبته يوم الجمعة ثم نزل عن المنبر فسجد، وسجد معه أهل المسجد، ثم صعد (١)، وهذا العمل حق، فكيف يقال: العمل على خلافه، ويقدم العمل الذي يخالف ذلك عليه (٢)؟.

[الاقتداء بالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو جالس]

ومن ذلك عمل الصحابة مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في اقتدائهم به، وهو جالس (٣)، وهذا كأنه رأي عين، سواء كانت صلاتهم خلفه قعودًا أو قيامًا، فهذا عمل في غاية الظهور والصحة (٤)، فمن العجب أن يُقدَّم عليه رواية جابر الجُعفي عن الشعبي -وكلاهما كوفيان (٥) - أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا يؤمنَّ أحدٌ بعدي جالسًا" (٦)! وهذه من أسقط روايات أهل الكوفة.


(١) رواه البخاري (١٠٧٧) في (سجود القرآن): باب من رأى أن اللَّه عزّ وجلّ لم يوجب السجود.
وانظر كلام الحافظ في "الفتح" على الحديث فإنه قد زعم بعضهم أنَّه معلق، وانظر "التلخيص" أيضًا (٢/ ١١).
(٢) سيأتي بحث نفيس في سجود القرآن بعد قليل، وانظر: "زاد المعاد" (١/ ٩٦)، و"تهذيب السنن" (٢/ ١١٧).
(٣) ورد من حديث عائشة، رواه البخاري (٦٨٨) في (الأذان): باب إنما جعل الإمام ليؤتمّ به، و (١١١٣) في (تقصير الصلاة): باب في صلاة القاعد، و (١٢٣٦) في (السهو): باب الإشارة في الصلاة، و (٥٦٥٨) في (المرض): باب إذا عاد مريضًا فحضرت الصلاة فصلّى بهم جماعة، ومسلم (٤١٢) في (الصلاة): باب ائتمام المأموم بالإمام.
ومن حديث أنس بن مالك: رواه البخاري (٣٧٨) -وأطرافه كثيرة جدًا تنظر هناك- ومسلم (٤١١).
(٤) انظر: "زاد المعاد" (٢/ ٩٧)، و"إغاثة اللهفان" (١/ ٣٦٧).
(٥) في المطبوع و (ن): "وهما كوفيان".
(٦) رواه الدارقطني (١/ ٣٩٨)، والبيهقي (٣/ ٨٠) من رواية جابر الجعفي عن الشعبي مرفوعًا به.
قال الدارقطني: لم يروه غير جابر الجعفي عن الشعبي، وهو متروك، والحديث مرسل لا تقوم به حجة.
ونقل البيهقي عن الشافعي أنه قال: قد علم الذي احتجّ بهذا أن ليست فيه حجة وأنه لا يثبت لأنه مرسل؛ ولأنه عن رجل يرغب الناس عن الرواية عنه.
وقال ابن عبد البر في "التمهيد" (٦/ ١٤٣): وهو حديث لا يصح عند أهل العلم بالحديث، إنما يرويه جابر الجعفي عن الشعبي مرسلًا، وجابر الجعفي لا يحتج بشيء =

<<  <  ج: ص:  >  >>