للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[منهج ابن القيم في كتابه]

يتضح لنا من خلال العرض السابق، والنظر الفاحص المتمعن في الكتاب، أن لصاحبه منهجًا مطردًا علميًّا فيه، نجمله في المحاور الأربعة الآتية:

[المحور الأول: الاستدلال والاستنباط]

ابن القيم إمام ربانيّ، لا يطوي قلبه، ولا يسطر يَراعُهُ حكمًا في مسألة من غير دليل، يشمل هذا كتابنا وغيره، وذكر ذلك العلماء في ترجمته، فيقول -مثلًا- الشوكاني عنه: "كان متقيّدًا بالأدلة الصحيحة، معجبًا بالعمل بها، غير معوّل على الرأي، صادعًا بالحق، لا يحابي فيه أحدًا" (١).

* وجوب ذكر الدليل والتحقق من صحته:

وقال: "وليس له على غير الدليل معول في الغالب، وقد يميل نادرًا إلى مذهب الذي نشأ عليه، ولكنه لا يتجاسر على الدفع في وجوه الأدلّة بالمحامل الباردة، كما يفعله غيره من المتمذهبين، بل لا بد له من مستند في ذلك، وغالب أبحاثه الإنصاف، والميل مع الدليل حيث مال، وعدم التعويل على القيل والقال" (٢).

وقال عنه أيضًا: "وبالجملة؛ فهو أحد من قام بنشر السنة، وجعلها بينه وبين الآراء المحدثة أعظم جُنّة، فرحمه اللَّه، وجزاه عن المسلمين خيرًا" (٣).

ويركز ابن القيم في كتابه هذا تركيزًا شديدًا على ضرورة ذكر الدليل، فقال:

"ينبغي للمفتي أن يذكر دليل الحكم ومأخذه ما أمكنه من ذلك، ولا يُلقيه إلى المستفتي ساذجًا مجردًا عن دليله ومأخذه، فهذا لضيق عطنه، وقلّة بضاعته من العلم" (٤)، وبيّن أن هذا هو طريق أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خلافًا لأهل الأهواء والبدع، فقال:


(١) "البدر الطالع" (٢/ ١٤٣ - ١٤٤).
(٢) "البدر الطالع" (٢/ ١٤٤ - ١٤٥).
(٣) "البدر الطالع" (٢/ ١٤٥).
(٤) "إعلام الموقعين" (٥/ ٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>