للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه فعل ذلك، وسئل ابن عباس عنه فقال: هو الإخلاص (١).

فردّ (٢) ذلك كله بحديث لا يصح، وهو ما رواه محمد بن إسحاق، عن


= "معجم الصحابة" (١١٤٥)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (٥/ ٢٦٨٨ رقم ٦٤٣٣، ٦٤٣٤)، والبيهقي (٢/ ١٣١)، والمزي في "تهذيب الكمال" (٣٠/ ٢٥) من طرق عن عصام بن قدامة عن مالك بن نُمير الخزاعي عن أبيه أنه رأى النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- واضعًا يده اليمنى على فخذه اليمنى رافعًا أصبعه السبابة قد حناها شيئًا وهو يدعو.
ونمير الخزاعي لا يُعرف إلا بهذا الحديث يرويه عنه ابنه مالك، قال الدارقطني: يعتبر به، وقال ابنُ القطان: لا يعرف حال مالك ولا روى عن أبيه غيره. وقال الذهبي: لا يُعرف وذكره ابن حبان في الثقات!! فهو في عداد المجاهيل فالإسناد ضعيف، وقد ذكره الحافظ ابن حجر -رحمه اللَّه- وذكر حديثه هذا ولم يتكلم عليه.
(١) رواه البيهقي في "السنن الكبرى" (٢/ ١٣٣) من طريق ابن فضيل عن الأعمش عن أبي إسحاق عن العيزار، قال: سئل ابن عباس عن الرجل يدعو يشير بأصبعه، فقال ابن عباس: هو الإخلاص.
وهذا إسناد رجاله ثقات، وأبو إسحاق هو السبيعي اختلط، وقد أخرج له مسلم من رواية الأعمش عنه، ورواه عنه أيضًا الثوري -وقد أخرج له البخاري من روايته عنه ورواية الثوري هذه أشار إليها البيهقي، قال: ورواه الثوري في "الجامع" عن أبي إسحاق عن أربدة عن ابن عباس.
أقول: وأربدة هذا صدوق، وذكر أبو الفتح الأزدي في "ذكر اسم كل صحابي. . . " (رقم ٢٠) أنه لم يرو عنه إلا أبو إسحاق السبيعي، ومثل هذا الاختلاف لا يضر، فهو اختلاف بين اثنين مقبولين في الرواية.
وقد روي مرفوعًا، أخرجه الحاكم (٤/ ٣٢٠)، ومن طريقه البيهقي (٢/ ١٣٣) من طريق الحسن بن علي بن زياد عن عبد العزيز بن عبد اللَّه عن سليمان بن بلال عن عباس بن عبد اللَّه بن معبد عن أخيه إبراهيم بن معبد عن ابن عباس أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "هكذا الإخلاص" يشير بأصبعيه التي تلي الإبهام.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.
فتعقبه الذهبي، قلت: ذا منكر بمرة.
أقول: رجاله كلهم ثقات، غير الحسن بن علي فينظر في حاله، فإني لم أجد له ترجمة إلا في "الأنساب" (٧/ ١٣٦) للسمعاني، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، وترجمته هكذا عنده: "والحسن بن علي بن زيد السَّري، يروي عن أحمد بن الحسن اللهبي، حدث عنه أبو بكر بن إسحاق الضَّبغي النيسابوري".
قلت: وعليه فهو مجهول.
وبناءً على انفراده به أعلّه الذهبي بالنكارة.
وهذه من نقدات الإمام الذهبي التي لا يصل إليها إلا من خَبَر حديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فرحمه اللَّه ورضي عنه.
(٢) في المطبوع و (ن): "فردوا".

<<  <  ج: ص:  >  >>