للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التفريق بين ما جمع اللَّه بينهما، ويرد أحدهما بالآخر" (١)، ويدل على هذا استدلاله بحديث: "ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه" (٢).

سابعًا: يظهر هذا جليًا عند حديث ابن القيم عن (بيان السنة للقرآن)، نعم، هو مسبوق (٣) بما قرره في كتابنا هذا، ولكنه فَصّل في هذا المبحث تفصيلًا دقيقًا جدًّا، يدل على عمق تفكره، وجعله عشرة أقسام (٤)، ومن هذه الأقسام:

١ - بيان نفس الوحي بظهوره على لسانه بعد أن كان خفيًا.

٢ - بيان معناه وتفسيره لمن احتاج إلى ذلك.

٣ - بيانه بالفعل.

٤ - بيان ما سئل عنه من الأحكام التي ليست في القرآن، فنزل القرآن ببيانها.

٥ - بيان ما سئل عنه بالوحي وإن لم يكن قرآنًا.

٦ - أن يحكم القرآن بإيجاب شيء أو تحريمه أو إباحته، ويحيل اللَّه على رسوله في بيانها.

فهذه الأقسام الست في درجة القرآن من حيث الاحتجاج، تساويه وتدانيه، وهي وإياه في مرتبة واحدة، والأنواع الأخرى تلحق بها، و"أن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يقول ولا يفعل ولا يقر ما يخالف القرآن، فهو المبلّغ عن ربه، الخبير بمقاصد الشريعة، والمعصوم من الخطأ" (٥).

* ضرورة الاحتجاج بالسنّة:

قرر ابن القيم أن العمل بالسنة والرجوع إليها أمر واجب كالقرآن، فقال عنها: "وهي في وجوب اتباعها وتحكيمها والتحاكم إليها ثانية الكتاب، وليس لأحد من المسلمين العدول عنها ما وجد إليها سبيلًا وقال في مسألة: "وقد دلت السنة الصحيحة الصريحة على ذلك، فلا عبرة بخلاف من خالفها" (٦)، وقال: "وهذا صحيح بلا تردد" (٧)، بل يرى أن الرد إليها من موجبات الإيمان


(١) "إعلام الموقعين" (٣/ ٨٤).
(٢) انظر تخريجه في التعليق على (٣/ ٨٣).
(٣) ذكر الشافعي في "الرسالة" (٢١ - ٢٢) خمسة وجوه، وانظر: "المستصفى" (١/ ٣٦٥ - ٣٦٦)، و"دراسات أصولية في السنة" (٤٩ - ٥٠).
(٤) انظرها (٣/ ٩٨).
(٥) "إعلام الموقعين" (٣/ ٨٤).
(٦) "إعلام الموقعين" (٢/ ٨٧).
(٧) "إعلام الموقعين" (٢/ ٣٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>