للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهذا لما بلغ فقيه الأمة وترجمان القرآن عبد اللَّه بن عباس موت ميمونة زوج النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- خرّ ساجدًا، فقيل له: أتسجد لذلك؟ فقال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا رأيتم آية فاسجدوا"، وأيّ آية أعظم من ذهاب أزواج [النبيّ] (١) -صلى اللَّه عليه وسلم- من بين أظهرنا (٢)؟ فلو لم تأتِ النصوص بالسجود عند تجدّد النعم لكان هو محض القياس، ومقتضى عبودية الرغبة، كما أن السجود عند الآيات مقتضى عبودية الرهبة، وقد أثنى اللَّه سبحانه على الذين يسارعون في الخيرات ويدعونه رغبًا ورهبًا، ولهذا فرَّق الفقهاء بين صلاة الكسوف وصلاة الاستسقاء بأن (٣) هذه صلاة رهبة وهذه صلاة رغبة، فصلوات اللَّه وسلامه على من جاءت سنّته وشريعته بأكمل ما جاءت به شرائع الرسل وسننهم (٤) [وعلى آله].


(١) في (ق) و (ك): "رسول اللَّه".
(٢) رواه أبو داود (١١٩٧) في (الصلاة): باب السجود عند الآيات، والترمذي (٣٨٩١) في (المناقب): باب فضل أزواج النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، والطبراني في "الكبير" (١١٦١٨)، وابن حبان في "المجروحين" (١/ ١١٤)، والبيهقي في "الكبرى" (٣/ ٣٤٣)، والبغوي في "شرح السنة" (١١٥٦)، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" (٨١٢)، والمزي في "تهذيب الكمال" (١١/ ٢٥١) من طريق إبراهيم بن الحكم وسَلم بن جعفر، كلاهما عن الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس به.
ووقع في سنن الترمذي: "مسلم بن جعفر، وكان ثقة". وقال الترمذي: حسن غريب، وفي نسخة: "حسن صحيح"، ونقله محب الدين الطبري في "السمط الثمين" (ص ١٠) عنه: "حسن صحيح غريب"، ولعله الصواب.
أما ابن الجوزي فقال: هذا حديث لا يصح، قال يحيى: إبراهيم بن الحكم بن أبان ليس بشيء.
وقال أحمد: ليس بثقة.
أقول: وإبراهيم كما ترى توبع، وسَلْم هذا وثقه ابن المديني، ويحيى بن كثير، والترمذي وابن حبان وابن شاهين.
وقال الأزدي: متروك الحديث لا يحتج به.
أقول: الأزدي نفسه مجروح!
والحكم بن أبان وثقه ابن معين والنسائي وسفيان بن عيينة وابن نمير وابن المديني وأحمد وقد تكلم فيه بعضهم ولعل البلاء من ابنه إبراهيم، فهو حسن الحديث إن شاء اللَّه، وحسن شيخنا الألباني -رحمه اللَّه- في تعليقه على "المشكاة" (رقم ١٤٩١) إسناد هذا الحديث.
(٣) في (ق): "فإن".
(٤) في (ق): "وسنتهم"، وما بين المعقوفتين بعدها سقط منها.

<<  <  ج: ص:  >  >>