للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العالم رَفَع إليه ما بقي من رسومها؛ فالشريعة التي بعث اللَّه بها رسولَه هي عمود العالم، وقطب [رحى] (١) الفلاح والسعادة في الدنيا والآخرة (٢).

ونحن نذكر تفصيل ما أجملناه في هذا الفصل بحول اللَّه وتوفيقه ومعونته بأمثلة صحيحة.

[[إنكار المنكر وشروطه]]

المثال الأول: أن النبي- صلى اللَّه عليه وسلم- شرع لأمته إيجاب إنكار المنكر ليحصل بإنكاره من المعروف ما يحبّه اللَّه ورسوله (٣)، فإذا كان إنكار المنكر يستلزم ما هو أنكر منه وأبغض إلى اللَّه ورسوله فإنه لا يسوغ إنكاره، وإن كان اللَّه يبغضه ويمقت أهله، وهذا كالإنكار على الملوك والوُلاة بالخروج عليهم؛ فإنه أساس كل شر وفتنة إلى آخر الدهر، وقد استأذن الصحابةُ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في قتال الأمراء الذين يؤخّرون الصلاة عن وقتها، وقالوا: أفلا نقاتلهم؟ فقال: "لا، ما أقاموا الصلاة" (٤)، وقال: "مَنْ رأى من أميره ما يكرهه فليصبر ولا ينزعَنَّ يدًا من طاعة" (٥) ومن تأمل ما جرى على الإِسلام من الفتن الكِبَار والصغار رآها من


(١) ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.
(٢) انظر قاعدة شمولية الشريعة لأحكام المكلفين وكمالها، وأنها محيطة بأحكام الحوادث في: "مفتاح دار السعادة" (ص ٣٢٤ - ٣٣٤)، و"مدارج السالكين" (٢/ ٤٥٨ - ٤٥٩)، و"الصواعق المرسلة" (١/ ٥، ٨٨، ٩٠)، و"اجتماع الجيوش الإِسلامية" (ص ٣)، وانظر "الموافقات" للشاطبي (٣/ ٢٧).
(٣) أخرج مسلم في "صحيحه" (كتاب الإيمان): باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان رقم (٤٩). أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من رأى منكم منكرًا، فليغيره بيده، فإن لم يستطع، فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان".
(٤) يظهر أن هذا الحديث مركب من حديثين: فليس في الأحاديث -فيما اطلعت- قتال الأمراء الذين يؤخرون الصلاة، وإنما قال لهم: "صلِّ الصلاة لوقتها فإن أدركتها معهم فصلها فإنَّها نافلة. . . ".
أما في الأمراء فقد روى مسلم في "صحيحه" (١٨٥٤) في (الإمارة): باب وجوب الإنكار على الأمراء فيما يخالف الشرع، من حديث أم سلمة قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إنه سيكون عليكم أمراء تعرفون وتنكرون. . . قالوا: يَا رسول اللَّه أفلا نقاتلهم؟ قال: لا، ما صلوا.
ونحو هذا عن عدد كبير من الصحابة.
(٥) رواه البخاري (٧٠٥٣ و ٧٠٥٤) في (الفتن): باب قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: سترون بعدي أمورًا تنكرونها"، و (٧١٤٣) في (الأحكام): باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية، =

<<  <  ج: ص:  >  >>