للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إضاعة هذا الأصل وعدم الصبر على منكر؛ فطلب إزالته فتولَّد منه ما هو أكبر منه؟ فقد كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يرى بمكة أكبر المنكرات ولا يستطيع تغييرها، بل لما فتح اللَّه مكة وصارت دار إسلام عَزَمَ على تغيير البيت ورَدِّه على قواعد إبراهيم، ومنَعَه من ذلك -مع قدرته عليه- خشيةُ وقوع ما هو أعظم منه من عدم احتمال قريش لذلك لقرب عهدهم بالإِسلام وكونهم حَدِيثي عهدٍ بكفرٍ (١)، ولهذا لم يأذن في الإنكار على الأمراء باليد؛ لما يترتب عليه من وقوع ما هو أعظم منه كما وجد سواء.

[[إنكار المنكر أربع درجات]]

فإنكار المنكر أربع درجات:

الأولى: أن يزول ويخلفه ضده.

الثانية: أن يقل وإن لم يُزل بجملته.

الثالثة: أن يخلفه ما هو مثله.

الرابعة: أن يخلفه ما هو شر منه.

فالدرجتان الأولَتَانِ مشروعتان، والثالثة موضع اجتهاد، والرابعة محرمة؛


= ومسلم (١٨٤٩) في (الإمارة): باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين، من حديث ابن عباس، ولفظه: "من رأى من أميره ما يكرهه فليصبر، فإنه من يفارق الجماعة. . . ", وليس فيه فلا ينزعن يدًا من طاعة.
ورواه مسلم (١٨٥٥) في (الإمارة): باب خيار الأئمة وشرارهم عن عوف بن مالك رفعه: "خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم. . . " قيل: يَا رسول اللَّه! أفلا ننابذهم بالسيف؟ فقال: "لا، ما أقاموا فيكم الصلاة وإذا رأيتم من ولاتكم شيئًا تكرهون، فاكرهوا عمله، ولا تنزعوا يدًا من طاعة".
وفي المطبوع: "من طاعته".
(١) يشير المؤلف إلى قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- لعائشة: "لولا أن قومك حديثٌ عهدهم -قال ابن الزبير: بكفر- لنقضت الكعبة فجعلت لها بابين: باب يدخل الناس، وباب يخرجون" لفظ مسلم.
ورواه البخاري (١٢٦) في (العلم): باب من ترك الاختيار مخافة أن يقصر فهم بعض الناس، و (١٥٨٣ و ١٥٨٤ و ١٥٨٥ و ١٥٨٦) في (الحج): باب فضل مكة، و (٣٣٦٨) في (الأنبياء): باب رقم (١٠)، و (٤٤٨٤) في (التفسير): باب قول اللَّه تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ}، و (٧٢٤٣) في (التمني): باب ما يجوز من اللّو، ومسلم (١٣٣٣) في (الحج): باب نقض الكعبة وبنيانها، من حديث عائشة -رضي اللَّه عنها-.

<<  <  ج: ص:  >  >>