للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأحمد: تقول به؟ فقال: إِي لعمري، قلت: إن سَرَق في مجاعة لا تقطعه؟ فقال: لا، إذا حملته الحاجة على ذلك والناسُ في مجاعة وشدة.

قال السعدي: وهذا على نحو قضية عمر في غلمان حاطب، ثنا أبو النُّعمان عارم: ثنا حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن ابن حاطب (١) أن غِلْمة لحاطب بن أبي بَلْتعة سرقوا ناقة لرجل من مُزَينة، فأتى بهم عمر، فأقّروا، فأرسل إلى عبد الرحمن بن حاطب فجاء فقال [له] (٢): إن غلمان حاطب سرقوا ناقة رجل من مُزَينة وأقروا على أنفسهم، فقال عمر: يَا كثير بن الصَّلْت اذهب فاقطع أيديهم، فلما ولَّى بهم (٣) ردَّهم عمر ثم قال: أما واللَّه لولا أني أعلم أنكم تستعملونهم وتجيعونهم حتى إن أحدهم لو أكل ما حرَّم اللَّه عليه حَلَّ له لقطعت أيديهم، وأيم اللَّه إذ لم أفعل لأُغَرمنَّك غرامة تُوجِعُكَ، ثم قال: يَا مُزَني بكم أريدت منك ناقتك؟ قال: بأربع مئة، قال عمر: اذهب فأعْطه ثماني مئة (٤).

وذهب أحمد إلى موافقة عمر في الفَصْلَيْنِ جميعًا؛ ففي "مسائل إسماعيل بن سعيد الشالنجي" التي شَرَحَها السعدي بكتاب سماه "المترجم" (٥)، قال: سألت


= وعلّق البخاري في "تاريخه الكبير" (٣/ ٤) أوّله من طرق عن يحيى بن أبي كثير به، والأثر فيه حسان بن زاهر، وحُصين بن حُدَير ترجمهما البخاري وابن أبي حاتم، ولم يذكرا فيهما جرحًا ولا تعديلًا، وهما على شرط ابن حبان في "الثِّقات"!
(١) في (و): "عن أبي حاطب".
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٣) في (ن): "فلما مضى بهم"، وفي (ك) و (ق): "فلما قفى بهم".
(٤) روى هذه القصة مالك (٢/ ٧٤٨ رواية يحيى ورقم ٢٩٠٥ - رواية أبي مصعب) وعبد الرزاق (١٨٩٧٨) والبيهقي في "سننه الكبرى" (٨/ ٢٧٨) و"معرفة السنن" (رقم ١٧٢٤٢) من طريق هشام بن عروة به، وسَمَّى ابن حاطب: يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، وهو لم يدرك عمر قطعًا مات سنة ١٠٤ هـ.
قال ابن التركماني في "الجوهر النقي": "وذكر ابن وهب في "موطئه" الحديث بمعناه من طريقين: من رواية يحيى بن عبد الرحمن عن أبيه، وأبوه عبد الرحمن سمع عمر، وَرَوى عنه وليس عند جمهور رواة "الموطأ": عن أبيه قال أبو عمر (ابن عبد البر): أظن ابن وهب وَهِمَ فيه".
قلت: رواية عبد الرزاق عن ابن جريج ثني هشام بن عروة عن عروة أن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب أخبره عن أبيه فذكر القصة، وأن الغرامة وقعت في مال عبد الرحمن بن حاطب، فهذه تقوي رواية ابن وهب بذكر عبد الرحمن بن حاطب، واللَّه أعلم، وانظر -لزامًا- "الاستذكار" لابن عبد البر (٢٢/ ٢٥٨ - ٢٦٢).
(٥) انظر في التعريف به تعليقي على "القواعد" لابن رجب (٢/ ٣٠٤ - ٣٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>