للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن المقصود إغناؤهم في ذلك اليوم العظيم عن التعرض (١) للسؤال، كما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أغنُوهُم في هذا اليوم عن المسألة" (٢) وإنما نص على تلك الأنواع المُخرَجَة لأن القوم لم يكونوا يعتادون اتخاذ الأطعمة يوم العيد، بل كان قوتهم يوم العيد كقوتهم سائر السنة؛ ولهذا لما كان قوتهم يوم عيد النحر من لحوم الأضاحي أمِرُوا أن يطعموا منها القانع والمعتر؛ فإذا كان أهل بلد أو محلة عادتهم اتخاذ الأطعمة يوم العيد جاز لهم، بل يشرع لهم أن يُوَاسوا المساكين من أطعمتهم، فهذا محتمل يسوغ القول به (٣)، واللَّه أعلم.


(١) في (ن): "التعريض".
(٢) قال الزيلعي في "نصب الراية" (٢/ ٤٣٢) غريب بهذا اللفظ.
قلت: أخرجه أبو القاسم الشريف الحسيني في "الفوائد المنتخبة" (١٣/ ق ١٤٧/ ٢) عن القاسم بن عبد اللَّه، عن يحيى بن سعيد وعبيد اللَّه بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: أمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بإخراج صدقة الفطر قبل الصلاة، وقال: "أغنوهم عن السؤال". وهذا سند ساقط؛ لأن القاسم بن عبد اللَّه وهو العمري المدني، قال الحافظ: "متروك رماه أحمد بالكذب قاله شيخنا الألباني -رحمه اللَّه- في "الإرواء" (٣/ ٣٣٤).
وقد ورد بلفظ: "اغنوهم عن الطواف في هذا اليوم".
رواه ابن عدي في "الكامل" (٧/ ٢٥١٩)، وابن زنجويه في "الأموال" رقم (٢٣٩٧)، والدارقطنيِ (٢/ ١٥٣)، والحاكم في "المعرفة" (ص ١٣١) والبيهقي (٤/ ١٧٥) من طريق أبي معشر نجيح عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا.
ذكره ابن عدي في ترجمة نجيح هذا، ونقل تضعيفه عن ابن معين، وأحمد ويحيى بن القطان، والبخاري، وابن مهدي، والنسائي وغيرهم. وضعفه البيهقي في "سننه" والنووي في "المجموع" (٦/ ١٢٦) وابن الملقن في "خلاصة البدر المنير" (١/ ٣١٣) وابن حجر في "بلوغ المرام" ومحمد بن عبد اللهادي في "التنقيح" (٢/ ١٤٥٥).
وروى ابن سعد في "الطبقات" (١/ ١٩١) حديثًا طويلًا من ثلاثة أسانيد مدارها على الواقدي من ضمنه هذا الحديث. والواقدي متروك.
(٣) مع مراعاة كونه طعامًا على قول الجماهير سلفًا وخلفًا، وخلافًا لمن جوَّز القيمة، وداعي الشرع مصلحة الفقراء في زكوات الأموال، فأوجب القيمة خلافًا لزكاة الأبدان، فإن مصلحتهم فيها من جنس السبب الذي أوجب الصدقة، فضلًا عن أن (صدقة الفطر) بمثابة (شعيرة عيد الفطر) كما أن الأضحية (شعيرة عيد الأضحى)، فكما لا يجوز استبدال الأضحية بالقيمة فكذا (صدقة الفطر) مع احتياج الفقراء إليها، وتقصير الأغنياء في الأموال لا يخول للمكلفين تبديل هذه الشعيرة، إذ "الشر لا يأتي بخير"، وخير الهدي هدي محمد وصحبه، فافهم ذاك، تولى اللَّه هداك، وانظر رسالة الأخ الشيخ الفاضل محمد بن إسماعيل: "هل تجزئ القيمة في صدقة الفطر؟ " و"الإشراف" (٢/ ٢٠١ مسألة ٥٢٤ - بتحقيقي).

<<  <  ج: ص:  >  >>