للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعضها من القرآن، والآخر من السنة، وبعضها من أقوال السلف، وختم بالأدلة العقلية.

وفصّل في القول بالحجيّة، وفرع معتمدًا على مخالفة بعضهم بعضًا، أو مع عدم وجود المخالفة فيما بينهم، أو وجود أبي بكر وعمر مع أحد الفريقين، أو اختلاف أبي بكر وعمر، وهكذا، على وجه استوعب فيه الكلام على كل حالة (١). وألحق تفسير الصحابة بفتاويهم، وعد ذلك من الرأي المحمود (٢).

وأما التابعون والاحتجاج بفتاويهم، فالأمر عند ابن القيم "كلما كان العهد بالرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- أقرب كان الصواب أغلب" وبيّن أن هذا حكم بحسب الجنس، لا بحسب كل فرد من المسائل (٣). وقول التابعي إذا لم يعلم له مخالف، فليس كقول الصحابي، لأن "التابعين انتشروا انتشارًا لا ينضبط؛ لكثرتهم، وانتشرت المسائل في عصرهم، فلا يكاد يغلب على الظن عدم المخالف، لما أفتى به الواحد منهم" (٤).

وأشاد بهم، بتقريره أنهم أعلم الأمة بكلام اللَّه ورسوله ومعانيه، وأن الشافعي صرح في موضع بأنه قلد عطاءً (٥)، وأن أحمد له قولان في الاحتجاج بتفسير التابعي، قال: "ومن تأمل كتب الأئمة ومن بعدهم وجدها مشحونة بالاحتجاج بتفسير التابعي" ولذا قال: "إنما الحجة في الآثار" (٦)، وفي هذا رد على من زعم (٧) أن ابن القيم لم يأخذ بقول التابعين بإطلاق!

[الاستدلال بالنظر والقياس الصحيح والمعقول]

وبعد هذه الاستدلالات التي مرجعها النقل، يأتي دور الاستدلال بالنظر والاعتبار والقياس الصحيح (٨) والمعقول، وهذا هو النوع الرابع من الرأي المحمود عنده، شريطة أن ينظر صاحبه إلى "أقرب ذلك من كتاب اللَّه وسنة رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأقضية أصحابه، فهذا هو الرأي الذي سوَّغه الصحابة واستعملوه،


(١) انظر: "إعلام الموقعين" (٤/ ٥٤٨ - ٥٥٦، و ٥/ ٥ - ١٦).
(٢) "إعلام الموقعين" (١/ ١٤٩ - ١٥٠ و ٥/ ٣٠ - ٣٦) وقارنه بـ "مختصر الصواعق" (٢/ ٣٤٠).
(٣) "إعلام الموقعين" (٤/ ٥٤٤).
(٤) "إعلام الموقعين" (٥/ ٣٨).
(٥) "إعلام الموقعين" (٥/ ٣٨).
(٦) "إعلام الموقعين" (١/ ١٤٩).
(٧) هو شرف الدين عبد العظيم في كتابه "ابن قيم الجوزية" (٢٧٦ - ٢٧٨).
(٨) انظر لزامًا ما قدمناه عن (القياس) تحت (موضوع الكتاب ومباحثه).

<<  <  ج: ص:  >  >>