للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأقرّ بعضُهم بعضًا عليه" (١).

ومن الأمور المهمة التي قعّدها ابن القيم وركز عليها: استدلاله بالعرف، وسيأتي هذا قريبًا عند كلامنا على الاستنباط ووجوه الاستدلال.

- عمل أهل المدينة:

ومما ينبغي أن يذكر في هذا الصدد: كلامه التقعيدي على (عمل أهل المدينة) (٢).

تناول ابن تيمية في "فتاويه" (٣) عمل أهل المدينة فذكر أن مذهب أهل المدينة على عهد الصحابة والتابعين وتابعيهم هو أصح مذاهب أهل الأمصار الإسلامية في الأصول والفروع، وأنه لم يقل أحد بحجية مذهب أهل مصر من الأمصار، كما قال جمهور الأئمة بحجية مذهب أهل المدينة وإن اختلفوا في بعضه.

وأن مذهب أهل المدينة على أربع مراتب: حجة باتفاق، وحجة قوية، وحجة مرجحة للدليل، والرابعة: حجة عند بعض أهل المغرب من أصحابه.

وتناول ابن القيم بدوره الحديث عن عمل أهل المدينة، وأبان من خلاله عن شخصيته المستقلة عن شيخه، ولم يكرر ما توصل إليه شيخه.

فهو يميز بين عمل أهل المدينة زمن الخلفاء الراشدين، وعملهم بعد موتهم، وبعد انقراض عصر من كان بها من الصحابة، فالأول اعتبره كالسنة، فقال بحجيته وتحكيمه، والثاني لا فرق بينه وبين عمل غيرهم، فإذا خالف السنة، يترك (٤).

فابن القيم لا يوافق شيخه في أن مذهب أهل المدينة على عهد التابعين وتابعيهم، أصح مذاهب أهل الأمصار في الأصول والفروع، وإنما يقصر الأمر على عصر الخلفاء الراشدين فقط.

- أقسام العمل عند ابن القيم:

حتى يتبين العمل المقبول من المردود، قسم ابن القيم العمل إلى


(١) إعلام الموقعين (١/ ١٥٧).
(٢) الآتي من "ابن القيم أصوليًا" (ص ١٣٧ - ١٣٨).
(٣) انظره (٢٠/ ٢٩٩ - ٣٠١).
(٤) انظر: "تهذيب السنن" (١/ ٦٤)، و"زاد المعاد" (١/ ٢٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>