للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا الفهم هو الذي يبدو أن كلام ابن القيم المتقدم يحتمله، فليس إذَنْ في مَوقِفِهِ مِنَ العمل أَيَّ تناقض.

ثم إن قوله برأي للمالكية في مسألة لا يلزمه أن يقول بكل آرائهم، ورفضه لرأي لهم لا يعني بالضرورة وجوب رفضه لكل آرائهم، فهو يقول بالرأي الذي يؤيده الدليل، سواء كان رأيًا للمالكية أو لغيرهم.

- الاستصحاب:

وتكلم المصنف على حجية (الاستصحاب) في معرض رده على القائلين بنفي القياس. وقرر أن هؤلاء أخذوا بالاستصحاب على وجه مبالغ فيه، وبيّن أنه على أقسام (١):

الأول: استصحاب البراءة الأصلية.

الثاني: استصحاب الوصف المثبت للحكم الشرعي حتى يثبت خلافه.

الثالث: استصحاب حكم الإجماع في محل النزاع.

وذكر الخلاف في القسم الثالث على قولين، ومثّل على جميع هذه الأقسام (٢)، وقرر أن الاستصحاب حجة ودليل ضعيف يدفع بالأدلة الشرعية: بالعموم والمفهوم، والقياس (٣)، ويؤخذ به حيث لا دليل، وتنبني عليه مبادئ وقواعد فقهية، مثل: (اليقين لا يزول بالشك) (٤) و (الأصل بقاء ما كان على ما كان) (٥).

- كلمة في حجية القياس:

ولا يجوز في هذا المقام بأي حال من الأحوال إهمال (القياس)، فإن المصنف أسهب في الكلام عليه جدًّا، وظهر ذلك جليًّا عند مبحثنا المُعَنْوَنِ بـ (موضوع الكتاب ومباحثه)، ولكن أرى هنا ضرورة التركيز على النقاط الآتية:

أولًا: بناءً على تبنّي المصنف بقوّة كون الشريعة معلّلة (٦)، توسّع في القياس


(١) وهي التي ذكرها ابن قدامة في "روضة الناظر" (١٥٩ - ١٦٠ - مذكرة الشنقيطي).
(٢) انظر: "إعلام الموقعين" (٢/ ١٠٠ - ١٠٦).
(٣) "إعلام الموقعين" (١/ ١٨٠).
(٤) "إعلام الموقعين" (٢/ ١٠٢، ٥/ ٢٤٣).
(٥) "إعلام الموقعين" (٢/ ١٠٢، ١٧٧، ٣/ ٢٥٩، ٥/ ١٦٠)، وانظر: "بدائع الفوائد" (٣/ ٢٧٢، ٢٧٣).
(٦) انظر ما سيأتي تحت (الاستنباط وبيان وجوه الاستدلال)، ومن اللطيف بالذكر قول =

<<  <  ج: ص:  >  >>