كتاب إعلام الموقعين عن رب العالمين - ت مشهور

يُكفَّر من قال من شدة فرحه براحلته بعد يأسه منها: "اللهم أنت عبدي وأنا ربك" (١) فكيف يعتبر الألفاظ التي يُقطع بأن مرادَ قائِلها خلافها؟ ولهذا المعنى رد شهادة المنافقين (٢) ووَصَفهم بالخداع والكذب والاستهزاء، وذَمَّهُم على أنهم يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم وأن بواطِنَهم تخَالف ظواهِرَهم، وذم تعالى من يقول ما لا يفعل، وأخبر أن ذلك من أكبر المَقْتِ عنده، ولعن اليهودَ إذ توسَّلوا بصورة عقد البيع على ما حرَّمَهُ عليهم إلى أكل ثمنه، [وجعل أكل ثمنه] (٣) لما كان هو المقصود بمنزلة أكله في نفسه، وقد لعن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الخمر عاصرَهَا ومُعتصِرَها (٤)، ومن المعلوم أن العاصر إنما عصر عنبًا، ولكن لما كانت

(١) سبق تخريجه.
(٢) في (ن) و (ك) و (ق): "ولهذا ألغى شهادة المنافقين".
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ن).
(٤) ورد هذا من حديث ابن عباس، وابن عمر، وأنس، وابن مسعود:
أما حديث ابن عباس: فرواه أحمد (١/ ٣١٦)، وعبد بن حميد (٦٨٦)، والطبراني في "الكبير" (١٢٩٧٦)، وابن حبان (٥٣٥٦)، والحاكم (٤/ ١٤٥) من طريق مالك بن خير الزبادي عن مالك بن سعد التُّجيبي عن ابن عباس مرفوعًا أنه لعن الخمر ومعتصريها وشاربها وحاملها. . .، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وإسناده حسن.
وأما حديث ابن عمر: فرواه أحمد (٢/ ٢٥ و ٧١ و ٩٧) وابن أبي شيبة (٦/ ٤٤٧) والطيالسي (١٩٥٧) وسعيد بن منصور (٨١٦ - ط الصميعي) والبخاري في "التاريخ الكبير" (٢/ ١٧٢ - مختصرًا) وأبو داود (٣٦٧٤) في (الأشربة): باب العنب يعصر للخمر، وابن ماجه (٣٣٨٠) في الأشربة باب العنب يعصر للخمر، وأبو يعلى (٥٥٨٣، ٥٥٩١)، والحاكم (٢/ ٣١ - ٣٢ و ٤/ ١٤٤ - ١٤٥)، والطحاوي في "مشكل الآثار" (٣٣٤٣)، والطبراني في "الصغير" (٧٤٠) و"الأوسط" (٤٩٦٢) والبيهقي (٥/ ٣٢٧ و ٦/ ١٢، ٨/ ٢٨٧) وفي الشعب (٥٥٨٣، ٥٥٨٤) والمزي في "تهذيب الكمال" (١٧/ ٢٤٥) من طرق عن ابن عمر، وبعض طرقه صحيحة.
وأما حديث أنس: فرواه الترمذي (١٢٩٥) في (البيوع): باب النهي أن يتخذ الخمر خلًا، وابن ماجه (٣٣٨١) في (الأشربة): باب لعنت الخمر على عشرة أوجه والطبراني في "الأوسط" (١٣٥٥).
وقال الترمذي: غرب من حديث أنس.
وأما حديث ابن مسعود: فرواه البزار في "مسنده" (١٦٠١)، والطبراني في "الكبير" (١٠٠٥٦)، وابن عدي في "الكامل" (٥/ ١٨٨٨).
وقال الهيثمي في "المجمع" (٥/ ٧٢ - ٧٣): فيه عيسى بن أبي عيسى الخياط، وهو ضعيف.
وعزاه الزيلعي في "نصب الراية" (٤/ ٢٦٤) لأحمد، ولم أجده فيه، ولا في "أطراف المسند" لابن حجر وفي الباب عن عثمان بن أبي العاص عند الطبراني في "الأوسط" (٤٠٩٠).