للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أختي" لكان من أقبح الكلام، وقد كان عمر -رضي اللَّه عنه- يضرب من يدعو امرأته أخته، وقد جاء في ذلك حديث مرفوع رواه أبو داود "أن رجلًا قال لامرأته: يا أخته، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أُخْتُكَ هي؟ إنما جَعَلَ إبراهيمُ ذلك حاجةً لا مُزَاحًا" (١).

[[عقد النكاح يشبه العبادات]]

ومما يوضحه أن عقد النكاح يُشْبِه العبادات في نفسه، بل هو مقدَّم على نفلها، ولهذا يستحب عقده في المساجد، ويُنهى عن البيع فيها، ومن يشترط له لفظًا بالعربية راعى فيه ذلك إلحاقًا له بالأذكار المشروعة، ومثل هذا لا يجوز الهزل به، فإذا تكلم به رتَّبَ الشارعُ عليه حكمه وإن لم يقصده، بحكم ولاية الشارع على العبد؛ فالمكلفُ قَصَد السببَ، والشَّارعُ قصد الحكَم، فصارا مقصودين كليهما (٢).

[فصل [ما جاء به الرسول هو أكمل ما تأتي به شريعة]]

وقد ظهر بهذا أن ما جاء به الرسول هو أكمل ما تأتي به شريعة؛ فإنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر أن يُقاتل الناس حتى يدخلوا في الإسلام ويلتزموا طاعة اللَّه ورسوله (٣)، ولم يُؤمر أن يُنقِّب عن قلوبهم ولا أن يشق بطونهم، بل يُجْرِي عليهم أحكام اللَّه في الدنيا إذا دخلوا في دينه، ويجري أحكامه في الآخرة على قلوبهم ونيّاتهم؛ فأحكام الدنيا على الإسلام، وأحكام الآخرة على الإيمان، ولهذا قبل إسلام


(١) رواه أبو داود (٢٢١٠) في "الطلاق": باب الرجل يقول لامرأته: "يا أختي" ومن طريقه البيهقي (٧/ ٣٦٦) من طريق حماد وعبد الواحد بن زياد وخالد الطحان كلهم عن خالد الحذاء عن أبي تميمة الهجيمي فذكره.
وأبو تميمة الهجيمي اسمه طريف بن مجالد تابعي ثقة فالحديث مرسل.
ووصله عبد السلام بن حرب، رواه من طريقه أبو داود (٢٢١١) ومن طريقه البيهقي (٧/ ٣٦٦) عن خالد الحذاء عن أبي تميمة عن رجل من قومه سمع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.
أقول: وعبد السلام بن حرب مع أنه ثقة حافظ إلا أن عنده بعض المناكير.
قال أبو داود: ورواه عبد العزيز بن المختار عن خالد عن أبي عثمان عن أبي تميمة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. ورواه شعبة عن خالد عن رجل عن أبي تميمة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.
(٢) في المطبوع: "كلاهما"!.
(٣) يشير المصنف إلى حديث: "أمرت أن أقاتل الناس حتى. . . "، وهو في "الصحيحين"، وقد سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>