للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا أمر يضيق الجنان عن معرفة تفاصيله ويعجز اللسان عن التعبير عنه (١).

بل إن ابن القيم يقرر أن الشريعة قائمة على أساس الحِكَم وقاعدة المصالح والعدل ووضع الأمور في نصابها؛ لأنها منزلة من حكيم حميد، فها هو يقول: "إن الشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها، ورحمة كلها، وحكمة كلها، فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث، فليست من الشريعة، وإن أُدخِلَتْ فيها بالتأويل، فالشريعة عدل اللَّه بين عباده، ورحمته بين خلقه، وظله في أرضه، وحكمته الدالة عليه وعلى صدق رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- أتم دلالة وأصدقها (٢). فَطَيُّ بساط الأسباب والعلل تعطيل للأمر والنهي والشرائع والحكم (٣).

والخلاصة: أن ابن القيم "جال في كتابنا "إعلام الموقعين" في موضوعات مختلفة بين الأصول والفقه، وأودع فيه فوائد وشوارد مقاصديّة كثيرة، خاصة في مباحث: القياس، والفتوى، وتغير الأحكام بتغيّر الأزمان، والحيل، وغيرها. والذي ينبغي الإشارة إليه هنا: هو أنك تجد تلك الفوائد والشوارد داخل استطرادات واسعة، مما يجعل ضبطها وتحديدها وتخليصها من غيرها يحتاج إلى جهد كبير" (٤).

المحور الثاني: التفصيل والتأصيل والتحليل والاستيعاب وطول النَّفس مع التكامل والانسجام:

من السمات البارزة لمنهج ابن القيم العلمي في كتابه هذا (التفصيل) و (التحليل) و (الاستيعاب) و (طول النفس) مع التكامل والانسجام، ويظهر معنا هذا بوضوح في النقاط الآتية:

أولًا: حشد الأدلة:

أكثر المصنف في تعداد الأدلة وحشدها على مسائل أصولية وفقهية كثيرة، من مثل:

- ذكر تسعة وتسعين دليلًا على اعتبار سدّ الذرائع (٥).


(١) "شفاء العليل" (٧٩).
(٢) "إعلام الموقعين" (٣/ ٣٣٧).
(٣) "مدارج السالكين" (٣/ ٤١٩).
(٤) "المقاصد العامة للشريعة الإسلامية" (ص ٢٢) لابن زغيبة عز الدين.
(٥) انظر: "إعلام الموقعين" (٤/ ٥ - ٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>