للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أني فعلت لكان كذا وكذا، وأخبر أن ذلك ذريعة إلى عمل الشيطان (١)، فإنه لا يُجْدي عليه إلا الحُزْن والنَّدَم وضيقة الصدر والتسخط (٢) على المقدور واعتقاد أنه كان يمكنه دفع المقدور لو فعل ذلك، وذلك يُضعف رضاه وتسليمه وتفويضه وتصديقه بالمقدور وأنه ما شاء اللَّه كان وما لم يشأ لم يكن، وإذا أعرض القلب عن هذا انفتح له عملُ الشَيطان، وما ذاك لمجرد لفظ "لو"، بل لما قارنها من الأمور القائمة بقلبه المنافية لكمال الإيمان الفاتحة لعمل الشيطان، بل أرشد العبد في هذه الحال إلى ما هو أنفع له وهو الإيمان بالقَدَر والتفويض والتسليم للمشيئة الإلهية وأنه ما شاء اللَّه كان ولا بد؛ فمن رضي فله الرضى ومن سخط فله السخط، فصلوات اللَّه وسلامه على مَنْ كلامه شفاء للصدور ونور للبصائر وحياة للقلوب وغذاء للأرواح، [وعلى آله] (٣)؛ فلقد أنعم به على عباده أتم نعمة، ومَنَّ عليهم به أعظم منة؛ فلله النعمة وله المنة وله الفضل وله الثناء الحسن (٤).

[النهي عن طعام المتبارِيَيْن]

الوجه الخامس والتسعون (٥): أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن طعام المُتبَارِيَيْنِ (٦)، وهما


(١) رواه مسلم في "صحيحه" (٢٦٦٤) في (القدر): باب في الأمر بالقوة وترك العجز، من حديث أبي هريرة.
(٢) كذا في (ك) و (ق) وفي سائر الأصول: "والسخط".
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ن) و (ق) و (ك).
(٤) في (ق) و (ك): "والفضل" بدل "وله الفضل" وجاء هذا الوجه مكان الوجه الحادي عشر في (ن) و (ق)، وفي (ك): "الوجه السادس والتسعون".
(٥) في (ك): "الوجه السابع والتسعون" وجاء هذا الوجه مكان الوجه السبعين في (ق) و (ن).
(٦) الحديث يرويه الزبير بن خِرِّيت قال: سمعت عكرمة عن ابن عباس، ورواه عن الزبير جريرُ بن حازم، واختلف عنه.
فرواه زيد بن أبي الزرقاء عنه به مرفوعًا:
أخرجه أبو داود (٣٧٥٤) في (الأطعمة): باب في طعام المتباريين، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ٢٧٤).
وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات.
وتابعه ابن المبارك.
أخرجه: ابن عدي (٢/ ٥٠٩ و ٥٥١)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (٦٠٦٧) من طريق بقية: حدثني ابن المبارك به.
وبقية صرح بالتحديث، قال ابن عدي: وهذا الحديث الأصل فيه مرسل، وما أقل من أوصله، وممن أوصله بقية عن ابن المبارك عن جرير بن حازم. وقد أعله بالإرسال أيضًا =

<<  <  ج: ص:  >  >>