للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لاستخرجوها، قال شيخنا (١) رضي اللَّه عنه: وهؤلاء لم يكفروا بالتوراة وبموسى (٢)، وإنما فعلوا ذلك تأويلًا واحتيالًا ظاهرُهُ ظاهرُ الاتقاء وحقيقتُه حقيقةُ الاعتداء، ولهذا -واللَّه أعلم- مُسِخوا قِردةً لأن صورة القرد فيها شبه من صورة الإنسان، وفي بعض ما يذكر من أوصافه شبه منه، وهو مخالف له في الحد والحقيقة، فلما مَسَخَ أولئك المعتدون دينَ اللَّه بحيث لم يتمسكوا إلا بما (٣) يشبه الدين في بعض ظاهره دون حقيقته مَسَخهم اللَّه قردة تشبه الإنسان في بعض ظاهره دون الحقيقة، جزاءً وفاقًا.

يقوي ذلك أن بني إسرائيل أكلوا الربا و [أكلوا] (٤) أموالَ الناس بالباطل [كما قصَّهُ اللَّه في كتابه] (٥)، وهو أعظم من أكل الصيد [المحرَّم] (٤) في يوم بعينه، [ألا ترى أن ذلك حرام في شريعتنا -أيضًا- والصيد في السبت ليس حرامًا علينا؟ ثم إن أَكَلة الربا وأموال الناس بالباطل لم يعاقبوا] (٦) بالمسخ كما عُوقب به من استحلَّ الحرام بالحيلة [وإنما عوقبوا بشيء آخر من جنس عقوبات غيرهم، فيشبه -واللَّه أعلم- أن يكون هؤلاء] (٧) لما كانوا أعظم جرمًا [كانت عقوبتهم أعظم] (٨)، فإنهم بمنزلة المنافقين [يفعلون ما يفعلون] (٩) و [هم] (١٠) لا يعترفون


(١) في "بيان الدليل" (ص ٧٦)، ونقل منه بشيء من التصرف في بعض الألفاظ، غضضت الطرف عنها لكثرتها، وأثبتُّ كل ما سقط، واللَّه المستعان.
(٢) الذي في "بيان الدليل": "ومعلوم أنهم لم يستحلوا تكذيبًا لموسى -عليه السلام-، وكفرًا بالتوراة، وإنما هو استحلال تأويل واحتيال. . . إلخ"، وكذا علّق (و)، وعزاه إلى "الفتاوى الصغرى" (٣/ ٨١)، وفي (ك): "وموسى" بدل "وبموسى".
(٣) في (ق): "ببعض ما".
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من نسخ "الإعلام"، عدا (و) فأثبته، وقال: "ما بين القوسين عن المصدر السابق؛ فهو ينقل عنه بلفظه".
(٥) ما بين المعقوفتين سقط من نسخ "الإعلام"، عدا (و) فأثبته، وعلّق عليه التعليق السابق، وابن القيم -رحمه اللَّه- لشير إلى قوله تعالى: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا (١٦٠) وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [النساء: ١٦٠، ١٦١].
(٦) بدل ما بين المعقوفتين من نسخ "الإعلام" جميعها: "ولم يعاقب أولئك"، وعلق عليها (و) قائلًا: "يعني أكلة الربا وأكلة أموال الناس بالباطل" اهـ.
(٧) بدل ما بين المعقوفتين في جميع نسخ الإعلام: "لأن هؤلاء".
(٨) ما بين المعقوفتين سقطت من نسخة "بيان الدليل" المحققة!!
(٩) ما بين المعقوفات سقطت من نسخة "بيان الدليل" المحققة!!
(١٠) ما بين المعقوفتين سقط من نسخ "الإعلام".

<<  <  ج: ص:  >  >>