للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

له عن أنس أنه سُئِل عن العِينة (١)، فقال: إن اللَّه لا يُخْدَع، هذا مما حرم اللَّه ورسوله (٢)، وروَى (٣) أيضًا في "كتابه" عن ابن عباس قال: اتَّقُوا هذه العِينة، لا تبع دراهم بدراهم وبينهما حَرِيرة، وفي رواية أن رجلًا باع من رجل حريرة بمئة ثم اشتراها بخمسين فَسُئل (٤) ابن عباس عن ذلك، فقال: دراهم بدراهم متفاضلة دخلت بينهما حريرة (٥)، وسُئل ابن عباس عن العينة -يعني بيع الحريرة- فقال: إن اللَّه لا يُخْدَع، هذا مما حرم اللَّه ورسوله (٦)، وروى ابن بَطَّة بإسناده إلى الأوزاعي قال: قال

رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يأتي على الناس زمان يستحلون الربا بالبيع" (٧) يعني العِينَةَ، وهذا

المرسل صالح للاعتضاد به والاستشهاد، وإن لم يكن عليه وحده الاعتماد.

وقال (٨) الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر: ثنا شعبة، عن أبي إسحاق السَّبيعي، عن امرأته "أنها دخلت على عائشة هي وأم ولد زيد بن أرقم وامرأة أخرى فقالت لها أم ولد زيد: إني بعْتُ من زيد غلامًا بثمان مئة نسيئةً، واشتريته بست مئة نقدًا، فقالت: "أبْلغِي زيدًا أنَّه (٩) قد أبطل جهاده مع رسول للَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، إلا أن يتوب، بئسما شَرَيْتِ (١٠)، وبئسما اشتريت" (١١) رواه الإمام أحمد وعمل به،


(١) "يقول ابن تيمية: العينة في الأصل: السلف، والسلف يعم تعجيل الثمن وتعجيل المثمن، وهو الغالب هنا، يقال: اعتان الرجل وتعين إذا اشترى الشيء بنسيئته، كأنها مأخوذة من العين، وهو المعجل، وصيغت على فعلة، لأنها نوع منه، وقال الجوزجاني: إنها من العين لحاجة الرجل إلى العين من الذهب والورق" (و).
(٢) ذكره المؤلف أيضًا، ولم أجد من رواه غيره.
(٣) في (ن): "وعن".
(٤) في (د)، و (ط): "فسأل".
(٥) و (٦) هذا والذي قبله عن ابن عباس في بيع العينة لم أجدهما بهذا اللفظ، وقد وجدت في "المحلى" (٩/ ٤٨ - ٤٩) قال: روينا عن وكيع عن سفيان الثوري عن سليمان التيمي عن حيان بن عمير القيسي عن ابن عباس في الرجل يبيع الجريرة -هكذا بالجيم- إلى رجل فكره أن يشتريها يعني دون ما باعها، وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
وقد ذكره ابن حزم، ولم يتكلم على رواته بشيء إلا أنه روى من طريق عبد الرزاق عن سفيان عن ليث عن مجاهد عن ابن عمر ما يدل على الجواز، فجعله مما اختلف فيه الصحابة.
مع أن ليثًا الذي في الإسناد هو ابن أبي سُليم الضعيف! ولو أنه جاء في خبر يخالف ما ذهب إليه ابن حزم -رحمه اللَّه- لشنَّع عليه -كعادته- عفا اللَّه عنه.
(٧) أخرجه الخطابى في "غريب الحديث" (١/ ٢١٨) بإسناد معضل، فهو ضعيف.
(٨) كذا في (ن)، وفي غيرها: "قال".
(٩) في (د)، و (ط): "أن".
(١٠) "شريت: أي بعت، ومنه قوله تعالى: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ} " (د).
(١١) رواه أحمد وسعيد بن منصور -كما في "نصب الراية" (٤/ ١٦) - ورواه البيهقي (٥/ ٣٣٠) =

<<  <  ج: ص:  >  >>