للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحيل وإبطالها، وإجماعهم حجة قاطعة، بل هي من أقوى الحجج وآكدها، ومَنْ جَعَلهم بينه وبين اللَّه فقد استوثق لدينه.

بيان المقدمة الأولى أن عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه خَطَبَ الناسَ على منبر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وقال: لا أُوتي بمحلّل ولا محلَّل له إلا رجمتهما (١)، وأقرَّه سائرُ الصحابة على ذلك، وأفتى عثمان وعلي وابن عباس وابن عمر أن المرأة لا تحلُّ بنكاح التحليل (٢)، وقد تقدم (٣) عن غير واحد من أعيانهم كأُبيّ وابن مسعود وعبد اللَّه بن سَلَام وابن عُمر وابن عباس أنهم نَهَوُا المُقْرِض عن قبول هدية المقترض، وجعلوا قبولها ربًا. وقد تقدم (٤) عن عائشة وابن عباس وأنس تحريم مسألة العِينة، والتغليظ فيها، وأفتى عمر وعثمان وعلي وأبيّ بن كعب وغيرهم من الصحابة أن المبتوتة في مرض الموت تَرِثُ (٥)، ووافقهم سائر المهاجرين


(١) مضى تخريجه، وقال فيه ابن تيمية في "بيان الدليل" (ص ٤٨١): "وهو مشهور محفوظ عن عمر، رووه بالأسانيد الثابتة" وعزاه زيادة على ما تقدم إلى الجوزجاني وحرب الكرماني وأبي بكر الأثرم.
(٢) أما عثمان فقد تقدم عنه، وروى البيهقي أيضًا (٧/ ٢٠٨) من طريق معلي بن منصور عن الليث بن سعد: حدثني محمد بن عبد الرحمن عن أبي مروزق التجيبي، وذكر قصة رجل أتى عثمان ليتزوج امرأة رجل ليحلها له، فقال له عثمان: "لا تنكحها إلا نكاح رغبة". وأبو مرزوق لم يسمع من عثمان، مات سنة مئة وسبع.
وأما ابن عباس فتقدم عنه أيضًا.
وأما ابن عمر فتقدم أيضًا، وروى عبد الرزاق (١٠٧٧٦)، والبيهقي (٧/ ٢٠٨)، وابن أبي شيبة (٣/ ٣٩٠) من طريق معمر عن الزهري عن عبد اللَّه بن المغيرة قال: سئل ابن عمر عن تحليل المرأة لزوجها، فقال: ذلك السفاح. وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات. وأما علي، فقد روى عبد الرزاق (١٠٨٠٣) عن هشيم عن خالد الحذاء عن مروان الأصفر (في المطبوع: الأصغر وهو خطأ) عن أبي رافع قال: سئل عثمان بن عفان وزيد بن ثابت -وعلي بن أبي طالب شاهد- عن الأمة هل يُحلّها سيدها لزوجها، إذا كان لا يريد التحليل؟ قالا: نعم، قال: فكره علي قولهما، وقام غضبانًا. وهذا إسناد رواته ثقات من رجال الصحيح، أبو رافع هو نفيع الصائغ.
لكن فيه عنعنة هشيم فإنه مدلس.
وقد ورد عن الحارث الأعور -وهو ضعيف- عن علي: "لعن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- المُحلل والمحلَّل له" ومضى تخريجه.
(٣) مضى بيان ذلك مع تخريجه قريبًا.
(٤) مضى بيان ذلك مع تخريجه قريبًا.
(٥) أما عمر -رضي اللَّه عنه-، فقد رواه عنه عبد الرزاق (١٢٢٠١)، وسعيد بن منصور (١٩٦٠) من طريق الثوري، وشريك عن مغيرة عن إبراهيم قال: كتب عمر -رضي اللَّه عنه- إلى شريح في الذي =

<<  <  ج: ص:  >  >>