للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: ١٩٤] وقيل وهو أصوب: بل تسميته بذلك حقيقة على بابه؛ فإن المكر إيصالُ الشر (١) إلى الغير بطريق خفي، وكذلك الكيد والمخادعة، ولكنه نوعان:

* قبيحٌ، وهو إيصال ذلك لمن لا يستحقه.

* وحَسَن، وهو إيصاله إلى مستحقه عقوبة له؛ فالأول مذموم والثاني ممدوح، والرب تعالى إنما يفعل من ذلك ما يُحمد عليه عدلًا منه وحكمة، وهو تعالى يأخذ الظالم والفاجر من حيث لا يحتسب [لا] (٢) كما يفعل الظلمة بعباده، وأما السيئة فهي فعيلة مما يسوء، ولا ريب أن العقوبة تسوء صاحبها؛ فهي سيئة له حسنة من الحَكَمِ العَدْل.

[[ما كيد به ليوسف]]

وإذا عرفت ذلك] (٣) فيوسف الصديق كان قد كِيد غير مرة: أولها أن إخوته كادوا به كيدًا حيث احتالوا [به] (٤) في التفريق بينه وبين أبيه [كما دل عليه قوله: {لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا}] (٥)، ثم إن امرأة العزيز كادَتْهُ بما (٦) أظهرت أنه راوَدَهَا عن نفسه (٧) [(٨) ثم أودع السجن، ثم إن النسوة كادوه حتى استجار (٩) باللَّه من كيدهن فصرفه عنه، وقال (١٠) له يعقوب: {لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا} [يوسف: ٥] وقال الشاهد لأمرأة العزيز: {إِنَّهُ


(١) في نسخ "الأعلام": "الشيء".
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٣) كل ما بين المعقوفتين تصرف فيه ابن القيم مع شيء من الاختصار، فآثرتُ الإبقاء على ما هو عليه، مكتفيًا بالإشارة هنا، وفي (ك): "وإذا أن ذلك" وفي (ق): "وإذا عرف ذلك".
(٤) ما بين المعقوفتين ليس في (ك) ولا "بيان الدليل".
(٥) ما بين المعقوفتين من "بيان الدليل".
(٦) في "بيان الدليل": "كادت به بأن"، وفي (ق): "كادته لما".
(٧) كذا في إحدى مخطوطتي "بيان الدليل"، والذي أثبته محققه! في أصل طبعته: "نفسها"، وكذا في نسخ "الإعلام"، ولعل الصواب ما أثبتناه.
(٨) من هنا إلى آخر الفصل تصرف فيه ابن القيم كثيرًا مع زياداته على كلام شيخه، فاقتضى التنويه والتنبيه، وفي (ك) و (ق): "حتى" بدل "ثم".
(٩) في المطبوع: "استعاذ"، وأشار إلى ما أثبتُّه: (د) في الهامش، وهو المثبت في (ن)، و"بيان الدليل" (ص ٢٧٣)، وفي (ق): "حين" بدل "حتى".
(١٠) في (ك) و (ق): "فقال".

<<  <  ج: ص:  >  >>