للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كتمانه (١) جائزًا؛ فإما (٢) أن تكون المصلحة في كتمانه أو في إظهاره أو كلاهما متضمن للمصلحة؛ فإن كان الأول فالتعريضُ مستحب كتورية الغازي عن الوجه الذي يريده (٣)، وتورية الممتنع عن الخروج والاجتماع بمن يصدُّه عن طاعة أو مصلحة راجحة كتورية أحمد عن المروزي (٤)، وتورية الحالف لظالم له أو لمن استحلفه يمينًا لا تجب عليه ونحو ذلك، وإن كان الثاني فالتورية فيه مكروهة، والإظهار مستحب، وهذا في كل موضع يكون البيان فيه مستحبًا، وإن تساوى الأمران وكان كل منهما طريقًا إلى المقصود لكون ذلك المخاطب التعريضُ والتصريحُ بالنسبة إليه سواء جاز الأمران، كما لو كان يَعْرف بعدة ألسن وخطابه بكل لسان منها يحصل مقصوده، ومثل هذا ما لو كان له غرضٌ مباح في التعريض ولا حَذَرَ (٥) عليه في التصريح، والمخاطب لا يفهم مقصوده، وفي هذا ثلاثة أقوال للفقهاء وهي في مذهب الإمام أحمد:

أحدها: له التعريض؛ إذ لا يتضمن كتمان الحق (٦) ولا إضرارًا بغير مستحق.

والثاني: ليس له ذلك، فإنه إيهامٌ للمخاطب من غير حاجة إليه، وذلك تغريرٌ، وربما أوقع السامع في الخبر الكاذب، وقد يترتب عليه ضرر به.

والثالث: له التعريض في غير اليمين.

وقال الفضل (٧) بن زياد: سألت أحمد عن الرجل يُعرِّض (٨) في كلامه يسألني عن الشيء أكره أن أخبره به، قال: إذا لم يكن يمينًا (٩) فلا بأس، في


(١) في "بيان الدليل": "وكتمانه".
(٢) من هنا إلى آخر الفصل نقله المصنف بتصرف من ابن تيمية في "بيان الدليل"، فانظر (ص ٢٥٨ - ٢٦٠).
(٣) في (ك) و (ق): "يريد".
(٤) مضى توثيق ذلك (ص ١١٧)، وانظر تعليقنا هناك.
(٥) في (ق): "ضرر".
(٦) في (ق) و (ك): "حق".
(٧) كذا في (ق) وهو الصواب وفي سائر النسخ: "الفضيل"!، وهو أبو العباس القطان البغدادي، ذكره أبو بكر الخلال، فقال: "كان من المتقدّمين عند أبي عبد اللَّه، وكان أبو عبد اللَّه يعرف قدره ويكرمه، وكان يصلّي بأبي عبد اللَّه، وكان له مسائل كثيرة عن أحمد" ترجمته في "طبقات الحنابلة" (١/ ٢٥١)، و"تاريخ بغداد" (١٢/ ٣٦٣)، و"المنهج الأحمد" (١/ ٤٣٩)، و"المقصد الأرشد" (٢/ ٣١٢).
(٨) في نسخ "الإعلام"، وإحدى مخطوطتي "بيان الدليل": "يعارض".
(٩) في "بيان الدليل": "يمين"!!

<<  <  ج: ص:  >  >>