للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عقد، وكانا بمنزلة (سَلَف وبيع، وشَرْطين في بيع)، وإن شرط أحد العقدين في الآخر فَسَدا، مع (١) أن هذه الحيلة لا تتم إلا على أصل مَنْ لم ير جواز المساقاة أو مَنْ خصَّها بالتحيّل (٢) وحده، ثم فيها مفسدة أخرى، وهي أن المساقاة عقد جائز، فمتى أراد أحدهما فَسْخَها فَسَخها وتضرر (٣) الآخر، ومفسدة ثانية، وهي أنه يجب عليه تسليم هذا الجزء من ألف جزء من جميع ثمرة البستان من كل نوع من أنواعه، وقد يتعذَّر عليه ذلك أو يتعسَّر، إما بأن يأكل الثمرة أو يهديها كلها أو يبيعها على أصولها، فلا يمكنه تسليم ذلك الجزء، وهذا (٤) يقع سواء، ثم قد يكون ذلك الجزء من الألف يسيرًا جدًا، فلا يطالب به عادة، فيبقى في ذمته لليتيم وجهة (٥) الوقف، إلى غير ذلك من المفاسد التي في هذه الحيلة، وأصحابُ رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم كانوا أفقَهَ من ذلك، وأعْمَقَ علمًا، وأقل تكلفًا، وأبَرَّ قلوبًا، فكانوا يرون ضمان الحدائق بدون هذه الحيلة، كما فعله عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- بحديقة أسيد بن حضير (٦)، ووافقه عليه جميع الصحابة،


(١) في (ك): "من".
(٢) في (ق): "بالنخل".
(٣) في المطبوع: "تضر".
(٤) في المطبوع و (ك): "وهكذا".
(٥) في (ك) و (ق): "ولجهة".
(٦) أخرج ابن أبي شيبة (٥/ ٤٠٠)، حدثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة عن سعيد مولى عمر، أن أسيد بن حضير مات وعليه دين، فباع عمر ثمرة أرضه سنتين.
أقول: كذا هنا في الإسناد سعيد مولى عمر، وصوابه سعد، ذكره البخاري في "تاريخه الكبير" (٤/ ٦٦) قال: سعد بن نوفل أن عمر استعمله على الجار، روى عنه ابنه عبد اللَّه، قال البخاري: أراه الذي روى: "أبو سلمة كذا، (وصوابه أبو أسامة) عن هشام بن عروة عن سعد مولى ابن عمر".
ولم يذكر فيه شيئًا.
أما ابن أبي حاتم فقد ذكر "سعد بن نوفل" الجاري مديني مولى عمر بن الخطاب، روى عن عمر وعبد اللَّه بن عمرو روى عنه زيد بن أسلم (٤/ ٩٦).
وذكر في (٤/ ٩٩) سعد مولى عمر أن أسيد بن حضير أوصى إلى عمر -رضي اللَّه عنه- قاله أبو أسامة عن هشام، ونراه والد عبد الرحمن بن سعد مولى ابن عمر، وذكره الحسيني في "التذكرة" (١/ ٥٧٢ رقم ٢٢٣٦) تحت اسم: سعد القلح، أو ابن سعد القلحة مولى عمر، روى عنه عبد اللَّه بن دينار: مجهول.
قال الحافظ في "التعجيل" (١٥٠): قلت: بل هو معروف، وهو الذي يقال له: الجاري، ثم نقل عن ابن السمعاني في "الأنساب" (٢/ ٩ - ١٠): ينسب إليه أبو عبد اللَّه سعد بن نوفل الجاري، وكان عامل عمر على الجار، روى عنه ابنه عبد اللَّه بن سعد.
ثم ذكر حديثه من رواية مالك عن عبد اللَّه بن دينار عنه. =

<<  <  ج: ص:  >  >>