للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القسم فيقول: الطلاق يلزمني لا تدخلين الدار؛ فيجعل إلزامه للطلاق في المستقبل مسببًا عن دخولها الدار بالقسم والشرط، وقد غلط في هذا طائفة من الناس حيث قَسَّموا الشرط إلى شرعي ولغوي وعقلي، ثم حكموا عليه بحكم شامل فقالوا: الشرط يجب تقديمه على المشروط ولا يلزم من وجوده وجود المشروط، ويلزم من انتفائه انتفاء المشروط كالطهارة للصلاة والحياة للعلم. ثم أوردوا على نفسهم (١) الشرطَ اللغوي؛ فإنه يلزم من وجوده وجود المشروط، ولا يلزم من انتفائه انتفاؤه؛ لجواز وقوعه بسبب آخر، ولم يجيبوا عن هذا الإيراد بطائل، والتحقيق أن الشروط اللغوية أسباب عقلية، والسبب إذا تم لزم من وجوده وجود مسببه، وإذا انتفى لم يلزم نفي المسبب مطلقًا؛ لجواز خلف سبب آخر، بل يلزم انتفاء السبب المعين عن هذا المسبب (٢).

وأما قولكم: "إنه صَدَرَ من هذا الزوج طلاقان مُنَجز ومُعَلق، والمحل قابل لهما" فجوابه بالمنع، فإن المحل ليس بقابل للمعلق؛ فإنه يتضمن المحال، والمحل لا يقبل المحال، نعم هو قابل للمنجز وحده، فلا مانع من وقوعه، وكيف تصح دعواكم أن المحلَّ قابل للمعلق، ومنازعكم إنما نازَعَكم فيه، وقال: ليس المحل بقابل للمعلق، فجعلتم نفس الدعوى مقدمة في الدليل.

وقولكم: "إن الزوج ممن يملك التنجيز والتعليق" جوابه أنه إنما يملك (٣) التعليق الممكن، فأما التعليق المستحيل فلم يملكه شرعًا ولا عرفًا ولا عادةً، وقولكم: "لا مزية لأحدهما على الآخر" باطلٌ، بل المزية كل المزية لأحدهما على الآخر؛ فإن المنجَّزَ له مزية الإمكان في نفسه، والمعلق له مزية الاستحالة والامتناع، فلم يتمانعا ولم يتساقطا، فلم يمنع من وقوع المنجز مانعٌ (٤)، وقولكم: "إنه نظير ما لو تزوج أختين في عقد" جوابه أنه تنظير باطل؛ فإنه ليس نكاح إحداهما شرطًا في نكاح الأخرى، بخلاف مسألتنا، فإن المنجز شرط في وقوع المعلق، وذلك عين المحال.

وقولكم: "إنه لا مزية لأحد الطلاقين على الآخر" باطل، [بل للمنجز مزية] (٥) من عدة وجوه:


(١) في (ق): "نفوسهم".
(٢) في (ق): "السبب".
(٣) في (ك) و (ق): "ملك".
(٤) سقط من (ك).
(٥) ما بين المعقوفتين سقط من (ن) و (ق).

<<  <  ج: ص:  >  >>