للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على نفسه صحيحًا (١) فقد أغنى اللَّه تعالى عن تكلف الكذب".

قلت: ولو (٢) قيل: إنه مسألة خلاف يسوغ فيها الاجتهاد فإذا وقفه على نفسه كان لصحته مَسَاغ لما فيه من الاختلاف السائغ (٣)، وأما الإقرار بوقفه من غير إنشاء متقدم فكذب بَحْت، ولا يجعله ذلك وقفًا اتفاقًا إذا أخذ الإقرار على حقيقته، ومعلوم قطعًا أن تقليد الإنسان لمن يفتي بهذا القول ويذهب إليه أقربُ إلى الشرع والعقل من توصله إليه بالكذب والزور والإقرار الباطل؛ فتقليد عالم من علماء المسلمين أعْذرُ عند اللَّه من تلقين الكذب والشهادة عليه.

فصل (٤) [حيلة في الوقف]

ولهم حيلة أخرى -وهي أن الذي يريد الوقف يملّكه لبعض مَنْ يثق به (٥) ثم يَقِفُه ذلك المملَّكُ عليه بحسب اقتراحه- وهذا لا شك في قبحه وبطلانه؛ فإنَّ [حد] التمليك [المشروع المعقول] (٦) أن يرضى المملِّك بنقل الملك إلى المملَّك بحيث يتصرف فيه بما يُحِب (٧) من وجوه التصرفات، وهنا قد علم اللَّه تعالى [والحفَظَة الموكلون بالعبد ومن يشاهدهم (٨) من بني آدم] (٩) من هذا (١٠) [المملِّك] (٦) أنه لم يرض بنقل الملك إلى هذا، ولا خَطَر له على بال، ولو سأله درهمًا واحدًا فلعله كان لم يسمح به عليه (١١)، ولم يرض بتصرفه فيه إلا بوقفه على المملك خاصة، بل قد ملَّكه إياه بشرط أن يتبرع عليه به وقفًا إما بشرط (١٢) مذكور وإما بشرط (١٢) معهود متواطأ عليه، وهذا تمليكٌ فاسدٌ قطعًا، وليس بهبة ولا صدقة ولا هدية ولا وصية ولا إباحة، وليس هذا بمنزلة العُمْرَى والرُّقْبَى


(١) في "بيان الدليل": "وقفه صحيحًا".
(٢) في (ك) و (ق): "وإن".
(٣) في المطبوع: "لساغ".
(٤) ما تحته من "بيان الدليل" (ص ١٩٨ - ١٩٩) باختصار، وما بين المعقوفتين منه.
(٥) في "بيان الدليل": "لبعض ثقاته".
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من "بيان الدليل".
(٧) في (ن): "يجب".
(٨) في (ك): "شاهدهم".
(٩) بدل ما بين المعقوفتين في "بيان الدليل": و"خلقه".
(١٠) في (ك): "هنا" وفي (ق): "بهذا".
(١١) في (ك): "يسمح عليه" وفي (ق): "يسمح عليه به".
(١٢) في (ك): "شرط".

<<  <  ج: ص:  >  >>