للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشروط فيها [العَوْد] (١) إلى المعمر، فإنه (٢) هناك مَلَّكه التصرف فيه، وشَرَطَ العود، وهنا لم يملكه شيئًا [قط]، إنما تكلم بلفظ التمليك غيرَ قاصد معناه، والموهوب له يصدقه أنهما لم يقصدا حقيقة الملك، بل هو استهزاء بآيات اللَّه وتلاعب بحدوده، وسنذكر إن شاء اللَّه تعالى في الفصل الذي بعد هذا الطريق [الشرعية] (٣) المُغْنية عن هذه الحيلة الباطلة.

[فصل [إبطال حيلة لتأجير الوقف مدة طويلة]]

ومن الحيل الباطلة: تحيّلهم على إيجار الوقف مئة سنة مثلًا، وقد شرط الواقف ألا يؤجّر أكثر من سنتين أو ثلاثًا؛ فيؤجره المدة الطويلة في عقود متفرقة في مجلس واحد، وهذه الحيلة باطلة قطعًا؛ فإنه إنما قصد بذلك دفع المفاسد المترتبة على طول مدة الإجارة، فإنها مفاسد كثيرة جدًا، وكم قد ملك من الوقف بهذه الطريق (٤)، وخرج عن الوقفيّة بطول المدة واستيلاء المستأجر فيها على الوقف هو وذريته وورثته سنينًا بعد سنين؟ وكم فات البطون اللواحق من منفعة الوقفما [بالإيجار الطويل؟ وكم أوجر الوقف] (٥) بدون إجارة مثله لطول المدة وقبض الأجرة؟ وكم زادت أجرة الأرض أو العَقَار (٦) أضعاف ما كانت ولم يتمكن الموقوف عليه من استيفائها؟ وبالجملة فمفاسد هذه الإجارة تفوت العَدَّ، والواقف إنما قصد دفعها، وخشي منها بالإجارة (٧) الطويلة، فصرَّح بأنه لا يؤجّر أكثر من تلك المدة التي شرطها، فإيجاره أكثر منها سواء كان في عقد أو عقودٍ مخالفةٍ صريحة لشرطه، مع ما فيها من المفسدة بل المفاسد العظيمة.

وياللَّه العجب! هل تزول هذه المفاسد بتعدد العقود في مجلس واحد؟ وأي غرضٍ للعاقل أن يمنع الإجارة لأكثر من تلك المدة ثم يجوّزها في ساعة واحدة


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ن)، وفي (ق): "الرجوع".
(٢) في المطبوع: "فإن"، وما أثبتناه من المخطوط، و"بيان الدليل".
(٣) سقط من (ك).
(٤) في المطبوع و (ك): "وكم قد ملك من الوقوف بهذه الطرق"، وفي (ق): "وكم قد ملك من وقف بهذه الطريق".
(٥) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٦) في (ك) و (ق): "والعقار".
(٧) في (ك): "بالأجرة".

<<  <  ج: ص:  >  >>