للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[بطلان هذه الحيلة]]

وهذه الحيلة أيضًا باطلة؛ فإن حقيقة التمليك لم توجد، إذ حقيقتُه نَقْلُ الملك إلى المملَّكِ يتصرف فيه كما أحب، هذا هو الملك المشروع المعقول المتعارف، فأما تمليكٌ لا يتمكن فيه المملَّك من التصرف إلا بالتزويج وحده؛ فهو تلبيسٌ لا تمليك؛ فإن المملَّك لو أراد وطأها أو الخلوة بها أو النّظَر إليها بشهوة (١) أو التصرفَ فيها كما يتصرف المالكُ في مملوكه لما أمكنه ذلك؛ فإن هذا تمليكُ تلبيسٍ وخِدَاع ومكر، لا تمليك حقيقة، بل قد علم اللَّه والمملِّكُ والمملَّكُ أن الجارية لسيدها ظاهرًا وباطنًا (٢)، وأنه لم يَطِبْ قلبه بإخراجها عن ملكه بوجه من الوجوه، وهذا التمليك بمنزلة تمليك الأجنبي ماله كله ليسقط عنه زكاته ثم يسترده منه، ومعلوم قطعًا أنه لا حقيقة لهذا التمليك عُرْفًا ولا شرعًا، ولا يُعّد المملَّك له على هذا الوجه غنيًا به، ولا يجب عليه به الحج والزكاة والنفقة وأداء الديون، ولا يكون به واجدًا للطَّوْل معدودًا في جملة الأغنياء؛ فهذا هو الحقيقة، لا التمليك الباطل الذي هو مكر وخِدَاع وتلبيس.

فصل [إبطال حيلة للتمكّن من رجعة البائن بغير علمها]

ومن الحيل الباطلة التَّحيلُ على ردّ امرأته بعد أن بانت منه وهي لا تشعر بذلك، وقد ذكر أرباب الحيل وجوهًا كلها باطلة؛ فمنها: أن يقول لها: حلفْتُ يمينًا واستفتيت فقيل لي: جَدِّد نكاحك؛ فإن كان الطلاق قد وقع وإلا لم يضرُّك، فإذا أجابته قال: اجعلي الأمر إليّ في تزويجك، ثم يحضر الولي والشهود ويتزوّجها، فتصير امرأته بعد البينونة وهي لا تشع؛ فإن لم يتمكن من هذا الوجه فلينتقل إلى وجه ثان، وهو أن يظهر أنه يريد سَفَرًا ويقول: لا آمن الموت وأنا أريد أن (٣) أكتب لك هذه الدار وأجعل لك هذا المتاع صَدَاقًا بحيث لا يمكن إبطاله وأريد أن أشهد على ذلك، فاجعلي أمْرَكِ إليَّ حتى أجعله صداقًا؛ فإذا فعلت عَقَدَ نكاحها على ذلك وتم الأمر؛ فإن لم يرد السفر فليُظهر أنه مريض، ثم يقول لها (٣): أريد أن أجعل لك ذلك، وأخاف أن أقر لك به فلا يقبل؛ فاجعلي


(١) في (ك): "لشهوة".
(٢) في (ك): "باطنًا وظاهرًا".
(٣) سقط من (ك).

<<  <  ج: ص:  >  >>