للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا (١) يدل على تضمين الغار أبدًا (٢).

قيل: هذا فيه قولان للسلف والخلف، وقد نص الإمام أحمد رحمه اللَّه على أن من اشترى أرضًا فبنى فيها أو غَرَسَ ثم استحقَّتْ؛ فللمستحق قَلْعُ ذلك، ثم يرجع المشتري على البائع بما نقص، ونص في موضع آخر أنه ليس للمستحق قلعه إلا أن يضمن نقصه ثم يرجع به على البائع، وهذا أفقه النصين وأقربهما إلى العدل؛ فإن المشتري غَرَسَ وبنى غراسًا وبناءً مأذونًا فيه، [وليس] (٣) ظالمًا به، فالعرق ليس بظالم، فلا يجوز للمستحقّ قلعه حتى يضمن له نقصه، والبائع هو الذي ظلم المستحق ببيعه ماله وغرَّ المشتري ببنائه وغراسه؛ فإذا أراد المستحق الرجوع في عين ماله ضمن المغرور ما نقصَ بقلعه ثم رجع (٤) به على الظالم، وكان تضمينه له أولى من تضمين المغرور ثم تمكينه من الرجوع على الغار.

ونظير هذه المسألة ما لو قبض مغصوبًا من غاصبه ببيع أو عارية أو اتهاب أو إجارة وهو يظن أنه مالك لذلك أو مأذون له فيه ففيه قولان:

أحدهما: أن المالك مخيَّر بين تضمين أيهما شاء، وهذا المشهور عند أصحاب الشافعي (٥) وأحمد (٦)، ثم قال أصحاب الشافعي: إن ضمن المشتري وكان عالمًا بالغصب لم يرجع بما ضمن على الغاصب، وإن لم يعلم نظرت فيما ضمن فإن التزم ضمانه بالعقد كبدَل العين وما نقص منها لم يرجع به على الغاصب؛ لأن الغاصب لم يغره، بل دخل معه على أن يضمنه، وهذا التعليل يوجب أن يرجع بما زاد على ثمن المبيع إذا ضمنه؛ لأنه إنما التزم ضمانه بالثمن لا بالقيمة، فإذا ضمنه إياه بقيمته رجع بما بينهما من التفاوت. قالوا: وإن لم يلتزم ضمانه نظرت: فإن لم يحصل له في مقابلته منفعة كقيمة الولد ونقصان الجارية بالولادة رجع به على الغاصب لأنه غَرَّه ودخل معه على أنه لا يضمنه،


(١) في (ك) و (ق): "لا".
(٢) أثبت (د)، و (ط) في المتن: "ابتداء"، وقالا: "في نسخة: "ولا يدل على قضمين الغار أبدًا" وزاد (ط): "انظر: "إعلام الموقعين" ط فرج اللَّه زكي الكردي ج ٣ ص ٢٤٢".
وجاء في (ك) و (ق): "ابتداءً".
(٣) في (ك) و (ق): "ليس".
(٤) في المطبوع: "يرجع".
(٥) "الأم" (٣/ ٢٢٤)، "مختصر المزني" (١١٧)، "المهذب" (١/ ٣٦٩).
(٦) "المغني" (٥/ ١٩٥)، "الإنصاف" (٦/ ١٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>