للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مات حَتفَ أنْفِه أو خُنِقَ حتى يموت صار حلالًا؛ لأنه لم يذبح، قال الإمام أحمد: هو حرام من وجهين، وهكذا هذه المحرمات إذا احتيل عليها صارت حرامًا من وجهين وتأكد تحريمها (١).

والذي يقضى منه العجب أنهم يَجْمَعون بين سقوط الاستبراء بهذه الحيل وبين جوب استبراء الصغيرة التي لم توطأ ولا يوطأ مثلها، وبين استبراء البكر التي لم يقرعها (٢) فحل، واستبراء العجوز الهرمة التي قد أيست من الحبل والولادة، واستبراء الأمة التي يقطع ببراءة رحمها، ثم يسقطونه (٣) مع العلم بأن رحمها مشغول، فأوجبتموه حيث لم يوجبه الشارع، وأسقطتموه حيث أوجبه.

قالوا: وليس هذا بعجيب (٤) من تناقضكم، بل وأعجب منه إنكار كون القرعة طريقًا لإثبات الحكم مع ورود السنة الصحيحة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وعن أصحابه رضي اللَّه عنهم بها (٥)، وإثبات حل الوطء بشهادة شاهدي زورٍ يعلم الزوج الواطئ أنهما شهدا بالزور على طلاقها حتى يجوز لأحد الشاهدين أن يتزوجها فيثبت الحل بشهادتهما.

وأعجب من ذلك أنه لو كان له أمة هي سُرِّية يطؤها كل وقت لم تكن فراشًا له، ولو ولدت [ولدًا] (٦) لم يلحقه الولد، ولو تزوج امرأة ثم قال بحضرة الحاكم والشهود في مجلس العقد: "هي طالق ثلاثًا" وكانت (٧) بأقصى المشرق وهو بأقصى المغرب صارت فراشًا بالعقد؛ فلو أتت بعد ذلك بولد لأكثر من ستة أشهر لحقه نسبه.

وأعجب من ذلك قولكم: لو منع الذميُّ دينارًا واحدًا [من الجزية، وقال:] (٨) "لا أؤديه" انتقض عَهْدُه وحَل ماله ودمه، ولو سَبَّ اللَّه تعالى ورسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- وكتابه على رؤوسنا أقبحَ سب وحَرَق أفضل المساجد على الإطلاق


(١) انظر: "الفروسية" (٣٠٧ - بتحقيقي).
(٢) قال (ط): "ربما قرئت: "التي لن يفرعها فحل" بالفاء في "يفرعها" اهـ.
(٣) في المطبوع: "ثم يسقطون".
(٤) في (ن) و (ق): "بعجب".
(٥) مضى تخريج ذلك وسقطت: "بها" من (ق).
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من (ن) و (ك) و (ق).
(٧) في (ق) و (ك): "أو كانت".
(٨) بدل ما بين المعقوفتين في (د) بياض ثم لفظة: "ول"! وقد أثبتناه من النسخ الأخرى، و (ن).

<<  <  ج: ص:  >  >>