للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المثال الثاني: أن يخاف ربُّ الدار غيبة المستأجر، ويحتاج إلى داره فلا يسلمها أهله إليه، فالحيلة في التخلص من ذلك أن يؤجرها ربها من امرأة المستأجر، ويضمن الزوج أن ترد إليه المرأة الدار وتفرغها متى انقضت المُدَّة، أو تضمن المرأة ذلك إذا استاجر الزوج، فمتى استأجر أحدهما وضمن الآخر الرد لم يتمكن أحدهما من الامتناع، وكذلك إن مات المستاجر فجحَدَ ورثته الإجارة وادّعوا أن الدار لهم نَفَع ربَّ الدار كفالةُ الورثة وضمانُهم رد الدار إلى المؤجِّر، فإن خاف المؤجر إفلاس المستأجر وعدم تمكنه من قبض الأجرة؛ فالحيلة أن يأخذ منه كفيلًا (١) بأجرة ما سكن أبدًا، ويسمي أجرة كل شهر للضمين، ويشهد عليه بضمانه.

المثال الثالث: أن يأذن رب الدار للمستأجر أن يكون في الدار ما يحتاج إليه أو يعلف الدابة بقدر حاجتها، وخاف أن لا يحتسب له ذلك من الأجرة؛ فالحيلة في اعتداده به عليه أن يقدِّر ما تحتاج إليه الدابة أو الدار (٢)، ويسمى له قدرًا معلومًا، ويحسبه من الأجرة، ويُشهد على المؤجِّر أنه قد وكله في صَرْف ذلك القدر فيما تحتاج إليه الدار أو الدابة.

فإن قيل: فهل تجَوِّزون لمن له دَيْن على رجل أن يوكله في المضاربة به أو الصدقة به أو إبراء نفسه منه أو أن يشتري له شيئًا (٣)، ويبرأ المدين إذا فعل ذلك؟

[مذهب أحمد في صور المضاربة بالدَّين]

قيل: هذا مما اختلف فيه، وفي صورة المضاربة بالدَّين قولان في مذهب الإمام أحمد:

أحدهما: أنه لا يجوز ذلك، وهو المشهور، لأنه يتضمن قبض الإنسان من نفسه وإبراءه لنفسه من دَيْن الغريم بفعل نفسه، لأنه متى أخرج الدين وضارب به فقد صار [المال] (٤) أمانة وبرئ منه؛ وكذلك إذا اشترى به شيئًا أو تصدق به (٥).

والقول الثاني: أنه يجوز (٦)، وهو الراجح في الدليل، وليس في الأدلة


(١) في (ك): "كفيلة".
(٢) في (ك) و (ق): "الدار أو الدابة".
(٣) سقط من (ك).
(٤) سقط من (ق).
(٥) هذا مذهب جمهور العلماء، انظر: "بدائع الصنائع" (٦/ ٦٠) و"شرح الزرقاني على مختصر خليل" (٦/ ٤٢) و"الشركات في الشريعة" (١/ ١٤٨ - ١٥١).
(٦) في المطبوع: "لا يجوز"!

<<  <  ج: ص:  >  >>