للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلعة وأجَّره دارًا (١) شهرًا بمئة درهم، وأما ذهاب أجزاء المستأجر بالانتفاع فإنما لم يجز لأنه لم يتعوض عنه المؤجر، وعقد الإجارة يقتضي رد العين بعد الانتفاع، وأما هذا العقد فهو عقد بيع يقتضي ضمان المتلف بثمنه الذي قدر له وأجرة انتفاعه بالعين قبل الإتلاف، فالأجرة في مقابلة انتفاعه بها مدة بقائها، والثمن في مقابلة ما أذهب منها، فدعونا من تقليد آراء الرجال، ما الذي حرَّم هذا؟ وأين هو في كتاب اللَّه وسنة رسوله أو أقوال الصحابة أو القياس الصحيح الذي يكون فيه الفرع (٢) مساويًا للأصل ويكون حكم الأصل ثابتًا بالكتاب أو السنة أو الإجماع؟ وليس كلامنا في هذا الكتاب مع المقلِّد المتعصب المقرّ على نفسه بما شهد عليه به جميعُ أهل العلم أنه ليس من جملته (٣) فذاك وما اختار لنفسه، وباللَّه التوفيق.

[[اشتراط الزوجة دارها أو بلدها ونحو ذلك]]

المثال السادس: أن تشترط المرأة دارها أو بلدها أو أن لا يتزوَّج عليها، ولا يكون هناك حاكم يصحح هذا الشرط، أو تخاف أن يرفعها إلى حاكم يبطله (٤)، فالحيلة في تصحيحه أن تلزمه عند العقد بأن يقول: إن تزوَّجتُ عليك امرأة فهي طالق، وهذا (٥) الشرط يصح وإن قلنا: "لا يصح تعليق الطلاق بالنكاح" نص عليه أحمد؛ لأن هذا الشرط لما وجَبَ الوفاء به من (٦) منع التزويج بحيث لو تزوج فلها الخيار بين المقام معه ومفارقته جاز اشتراط طلاق من يتزوَّجها (٧) عليها، كما جاز اشتراط عدم نكاحها (٨)، فإن لم تتم لها هذه الحيلة فلتأخذ شرطه أنه إن تزوج عليها فأمْرُها بيدها، أو أمرُ الضرة بيدها، ويصح تعليق ذلك بالشرط (٩)؛ لأنه توكيلٌ على الصحيح، ويصح تعليق الوكالة على الشرط على الصحيح من قولي العلماء، وهو قول الجمهور ومالك (١٠) وأبي حنيفة (١١) وأحمد (١٢) رضي اللَّه عنهم كما يصح تعليق الولاية على الشرط بالسنة الصحيحة


(١) في المطبوع و (ك): "وأجره داره".
(٢) في (ق): "يكون الفرع فيه".
(٣) في (ق): "جملتهم".
(٤) انظر: "زاد المعاد" (٤/ ٤ - ٥، ٨)، و"إغاثة اللهفان" (٢/ ٢٠).
(٥) في (ك) و (ق): "فهذا".
(٦) سقط من (ك).
(٧) في (ق): "يتزوج".
(٨) في (ق): "نكاحه".
(٩) في (ق): "ويصح التعليق بذلك الشرط".
(١٠) "رسالة التمليك" (٥٦)، وفي (ك) و (ق): "ملك" دون واو.
(١١) "بدائع الصنائع" (٧/ ٣٤٤٥).
(١٢) "المغني" (٥/ ٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>