للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعلفها وسقيها (١).

فإن قيل: عَلَفُ الدابة على مالكها، فإذا شرطه على المستأجر فقد شرط ما ينافي مقتضى العقد، فأشبه ما لو شرط في عقد النكاح أن تكون نفقة الزوجة على نفسها.

قيل: هذا من أفسد القياس؛ لأن العلف قد جعل في مقابلة الانتفاع فهو نفسه أجرة مغتفرة جهالتها اليسيرة للحاجة، بل الحاجة إلى ذلك أعظم من حاجة استئجار الأجير بطعامه وكسوته؛ إذ يمكن الأجير أن يشتري له بالأجرة، ذلك، فأما الدابة فإن كَّلف ربَّها أن يصحبها ليعلفها شق عليه ذلك فتدعو الحاجة إلى قيام المستأجر عليها، ولا يظن به تفريطه في علفها لحاجته إلى ظهرها، فهو يعلفها لحاجته وإن لم يمكنها مخاصمته (٢).

[[الإجارة مع عدم معرفة المدة]]

المثال الحادي عشر: إذا أراد أن يستأجر دارًا أو حانوتًا، ولا يَدْرِي مدة مقامه، فإن استأجره سنة فقد يحتاج إلى التحول قبلها. فالحيلة أن يستاجر كل شهر بكذا وكذا، فتصح الإجارة وتلزم في الشهر الأول، وتصير جائزة فيما بعده من الشهور، فلكل واحد منهما الفسخ عقيب كل شهر إلى تمام يوم، وهذا قول أبي حنيفة، وقال الشافعي: الإجارة فاسدة، وعن أحمد نحوه، والصحيح الأول؛ فإذا خاف المستأجر أن يتحول قبل تمام الشهر الثاني فيلزمه أجرته فالحيلة أن يستأجرها كل أسبوع بكذا، فإن خاف التحول قبل الأسبوع استأجرها كل يوم بكذا، ويصح ويكون حكم اليوم كحكم الشهر.

[شراء الوكيل ما وُكِّل فيه لنفسه]

المثال الثاني عشر: لو وكله أن يشتري له جارية معينة، فلما رآها الوكيل أعجبته وأراد شراءها لنفسه من غير إثم يدخل عليه ولا غدر بالموكِّل جاز ذلك


(١) انظر: "المغني" (٨/ ٧٢)، "الإنصاف" (٦/ ١٢)، "المقنع" (٢/ ١٩٧)، "الشرح الكبير" (٦/ ٦٨)، "تنقيح التحقيق" (٣/ ٧١)، "منتهى الإرادات" (٢/ ٢٥٠)،"كشاف القناع" (٣/ ٥٥١)، "تقرير القواعد" (٢/ ٥٦ - بتحقيقي) "الروض المربع" (٥/ ٢٩٩ - ٣٠١ - مع حاشية ابن قاسم). وانظر "الإشراف" (٣/ ٢١٣ مسألة ١٠٦٠) وتعليقي عليه.
(٢) انظر: "إغاثة اللهفان" (٢/ ٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>