للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موجودًا في الملك الأول، قال: وقد علَّق أحمد القول في رواية مهنَّأ في رجل قال لامرأته: "أنت طالق إن رهنت كذا [وكذا"، فإذا هي] (١) قد رهنته قبل اليمين، فقال: أخاف أن يكون [قد] (٢) حنث، قال: وهذا محمول على أنه قال: "إن كنت رهنتيه" فيحنث لأنه حلف على ماض. ولا يخفى ما في هذا الحمل من مخالفة ظاهر كلام السائل وكلام الإمام أحمد؛ أما كلام السائل فظاهر في أنه إنما أراد رهنًا تنشئه بعد اليمين فإن أداة الشرط تخلّص الفعل الماضي للاستقبال، فهذا الفعل مستقبل بوضع اللغة والعرف والاستعمال. وأما كلام الإمام أحمد فإنه لو فهم من السائل ما حمله عليه القاضي لجزم بالحنث، ولم يقل: "أخاف" فهو إنما يطلق هذه اللفظة فيما عنده فيه نوع توقف. واستقراء أجوبته يدل على ذلك، وإنما وجه هذا أنه جعل استدامة الرهن رهنًا كاستدامة اللبس والركوب والسكنى والجماع والأكل والشرب ونحو ذلك. ولما كان لها شبه بهذا وشبه باستدامة النكاح والطيب ونحوهما لم يجزم بالحنث، بل قال: أخاف أن يكون قد حنث، واللَّه أعلم.

[[الشركة بالعروض والفلوس]]

المثال الخامس والعشرون: هل تصحُّ الشركة بالعروض والفلوس -إنْ قلنا: هي عروض- والنقود المغشوشة؟ على قولين هما روايتان عن الإمام أحمد (٣)، فإن جوَّزنا الشركة بها لم يحتج إلى حيلة، بل يكون رأس المال قيمتها وقت العقد، وإن لم نجوز الشركة بها (٤) فالحيلة على أن يصيرا (٥) شريكين فيها أن يبيع كلُّ واحدٍ منهما صاحبه نصف عرضه بنصف عرضه مشاعًا، فيصير كل منهما شريكًا لصاحبه في عرضه، ويصير عرض كل واحد منهما بينهما نصفين، ثم يأذن كل واحد منهما لصاحبه في التصرف، هذا إذا كان قيمة العرضين سواء، فإذا كانا متفاوتين -بأن يساوي أحدهما مئة والآخر مئتين- فالحيلة أن يبيع صاحب العرض


(١) بدل ما بين المعقوفتين في (ن) و (ق): "فوجدها".
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ك).
(٣) انظر: "المغني" (٥/ ١٢٥) و"حلية العلماء" (٥/ ٩٣)، و"مختصر اختلاف العلماء" (٤/ ٥ رقم ١٦٦٤)، و"الشركات" (١/ ١٠٨، ١٢٠) للخياط و"الشركات" (٣٦، ٣٨) للخفيف.
وانظر: "الإشراف" للقاضي عبد الوهاب (٣/ ٦٦ - ٦٧ رقم ٩٢٥) وتعليقي عليه.
(٤) سقط من (ق).
(٥) في (ق): "يكونا".

<<  <  ج: ص:  >  >>