للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لامرأته، فلا يصل البائع إلى أخذ الثمن، فالحيلة له أن يبيعه بحضرة الحاكم أو يمضي بعد البيع معه إليه ليثبت له التبايع، ثم يسأله قبل مفارقته أن يحجر على المشتري في ماله، ويقفه حتى يسلم إليه الثمن؛ لئلا يتلف ماله أو يتبرع به فيتعذر عليه الوصول إلى حقه. ويلزم الحاكم إجابته إذا خشي ذلك من المشتري؛ لأن فيه إعانة لصاحب الحق على التوصل إلى حقه، فإن تعذرت عليه هذه الحيلة ولدغته العقرب وادعى الإعسار [فللبائع الفسخ إذا لم يكن عالمًا بعسرته وقت العقد ولا راضيًا بها فإن الإعسار عيب في محل الحق، فيثبت له خيار الفسخ كما لو كان العيب بالعوض ولهذا إذا احتال على من يظنه موسرًا فبان معسرًا فله فسخ الحوالة والرجوع على المحيل لوجود العيب في محل الحق الذي لم يرضى به المحتال، وإذا كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قد ملك البائع الرجوع في عين ماله إذا أفلس المشتري، فكذلك إذا بأن مفلسًا مع أن الحديث نص في تمليكه الفسخ إذا عرض له الإفلاس، وليس فيه اشتراط حجر الحاكم ولا دل عليه بوجه ولا له أصل من كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا قياس ولا مصلحة للناس، فمن أين لكم أنه لا يملك الفسخ حتى يحجر عليه الحاكم، وحكم سيد الحكام بالرجوع في عين المال وفسخ البيع أولى بالاعتبار والمراعاة من آحاد الناس، فإذا كان سيد الحكام قد حكم له بالفسخ والرجوع لم يجز أن يقال: لا رجوع لك حتى يحكم حاكم بالفلس والإعسار، فإن قيل: إنما شرطنا ذلك ليتحقق ثبوت فلسه، قيل: لو تحقق ثبوت فلسه بحيث ألا يشك فيه، ولم يحكم به حاكم لم تمكنوه من الفسخ، وهذا مخالف للسنة، والقياس المحض كما تقدم إذ العيب في محل العوض كالعيب في العوض فإن سأل الحاكم الحجر عليه، وفعل ذلك رجع عليه في عين ماله عند الجمهور] (١) فإن كانت العقرب داهيةً بأن غيَّر العين المبيعة أو مَلّكها لولده أو زوجته أو كان الحاكم لا يرى رجوعَ البائع في عين المبيع إذا أفلس المشتري؛ فالحيلة أن يتوصل إلى إبطال العقد بإقرار سابق على المبيع [أن] (٢) المبيع لولده أو لزوجته أو يرهنه أو يبيعه لمن يثق به، ويقدم تاريخ ذلك على بيع العقرب، وله أن يتوصل بهذه الحيلة فإن كانت مكرًا وخداعًا؛ فإن المكر والخداع حَسَنٌ إذا


(١) ما بين المعقوفتين من (ك) فقط، وبدلها في سائر النسخ: "عند الجمهور سأل الحاكم الحجر عليه فإن فعل ذلك رجع عليه في عين ماله".
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).

<<  <  ج: ص:  >  >>